شرح ابن عقيل - ابن عقيل الهمداني - ج ١ - الصفحة ٤٨٠
قد تحذف التاء من الفعل المسند إلى مؤنث حقيقي من غير فصل، وهو قليل جدا، حكى سيبويه: " قال فلانة "، وقد تحذف التاء من الفعل المسند إلى ضمير المؤنث المجازي، وهو مخصوص بالشعر، كقوله:
146 - فلا مزنة ودقت ودقها * ولا أرض أبقل إبقالها * * * .
١٤٦ - البيت لعامر بن جوين الطائي، كما نسب في كتاب سيبويه (١ - ٢٤٠) وفي شرح شواهده للأعلم الشنتمري.
اللغة: " المزنة " السحابة المثقلة بالماء " الودق " المطر، وفي القرآن الكريم (فترى الودق يخرج من خلاله) " أبقل " أنبت البقل، وهو النبات.
الاعراب: " فلا " نافية تعمل عمل ليس " مزنة " اسمها، وجملة " ودقت " وفاعله المستتر العائد إلى مزنة في محل نصب خبر لا " ودقها " ودق: منصوب على المفعولية المطلقة، وودق مضاف وها: مضاف إليه " ولا " الواو عاطفة لجملة على جملة، ولا: نافية للجنس تعمل عمل إن " أرض " اسم لا، وجملة " أبقل " وفاعله المستتر فيه في محل رفع خبرها " إبقالها " إبقال: مفعول مطلق، وإبقال مضاف وضمير الغائبة في محل جر مضاف إليه.
الشاهد فيه: قوله " ولا أرض أثقل " حيث حذف تاء التأنيث من الفعل المسند إلى ضمير المؤنث، وهذا الفعل هو " أبقل " وهو مسند إلى ضمير مستتر يعود إلى الأرض، وهي مؤنثة مجازية التأنيث، ويروى:
* ولا أرض أبقلت ابقالها * بنقل حركة الهمزة من " إبقالها " إلى التاء في " أبقلت " وحينئذ لا شاهد فيه.
ومثل هذا البيت قول الأعشى ميمون بن قيس:
فإما تريني ولي لمة * فإن الحوادث أودى بها ومحل الاستشهاد منه قوله " أودى بها " حيث لم يلحق تاء التأنيث بالفعل الذي هو قوله " أودى " مع كونه مسندا إلى ضمير مستتر عائد إلى اسم مؤنث وهو الحوادث الذي هو جمع حادثة، وقد عرفت أن الفعل إذا أسند إلى ضمير راجع إلى مؤنث وجب تأنيثه، سواء أكان مرجعه حقيقي التأنيث، أم كان مرجع الضمير مجازي التأنيث، وترك التاء حينئذ مما لا يجوز ارتكابه إلا في ضرورة الشعر، فلما اضطر الشاعر في بيت الشاهد وفيما أنشدناه من قول الأعشى على الرواية المشهورة حذف علامة التأنيث من الفعل.