شرح ابن عقيل - ابن عقيل الهمداني - ج ١ - الصفحة ٢٧٨
والمبرد والزجاج وابن السراج وأكثر المتأخرين - ومنهم المصنف - إلى المنع وذهب أبو علي [الفارسي] وابن برهان إلى الجواز، فتقول: " قائما ليس زيد " واختلف النقل عن سيبويه، فنسب قوم إليه الجواز، وقوم المنع، ولم يرد من لسان العرب تقدم خبرها عليها، وإنما ورد من لسانهم ما ظاهره تقدم معمول خبرها عليها، كقوله تعالى: (ألا يوم يأتيهم ليس مصروفا عنهم) وبهذا استدل من أجاز تقديم خبرها عليها، وتقريره أن " يوم يأتيهم " معمول الخبر الذي هو " مصروفا " وقد تقدم على " ليس " قال: ولا يتقدم المعمول إلا حيث يتقدم العامل (1).
* * * .

(1) هذه القاعدة ليست مطردة تمام الاطراد، وإن كان العلماء قد اتخذوها دليلا في كثير من المواطن، وجعلوها كالشئ المسلم به الذي لا يتطرق إليه النقض، ونحن نذكر لك عدة مواضع أجازوا فيها تقديم المعمول، ولم يجيزوا فيها تقديم العامل:
الموضع الأول: إذا كان خبر المبتدأ فعلا، لم يجز البصريون تقديمه على المبتدأ، لئلا يلتبس المبتدأ بالفاعل، فلا يقولون " ضرب زيد " على أن يكون في ضرب ضمير مستتر، وجملته خبر مقدم، لكن أجازوا تقديم معمول هذا الخبر على مبتدئه في نحو " عمرو ضرب زيدا ". فيقولون " زيدا عمرو ضرب ".
الموضع الثاني: خبر إن - إذا لم يكن ظرفا أو جارا ومجرورا - لم يجيزوا تقديمه على اسمها، فلا يقولون: " إن جالس زيدا "، وأجازوا تقديم معموله على الاسم، فيقولون: " إن عندك زيدا جالس ".
الموضع الثالث: الفعل المنفى بلم أو لن - نحو " لم أضرب، ولن أضرب " - لم يجيزوا تقديمه على النفي، وأجازوا تقديم معموله عليه، نحو " زيدا لن أضرب، وعمرا لم أصاحب ".
الموضع الرابع: الفعل الواقع بعد إما الشرطية، لم يجيزوا إيلاءه لاما، وأجازوا إيلاء معموله لها، نحو قوله تعالى: (فأما اليتيم فلا تقهر).
والغرض من القاعدة التي أصلها هذا المستند: أن الغالب والكثير والأصل هو ألا يتقدم المعمول إلا حيث يجوز أن يتقدم العامل فيه، فلا يضر أن يجوز تقديم المعمول في بعض الأبواب لنكتة خاصة به حيث لا يتقدم عامله، ولكل موضع من المواضع الأربعة نكتة لا تتسع هذه العجالة لشرحها.
(٢٧٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 273 274 275 276 277 278 279 280 281 283 284 ... » »»
الفهرست