شرح ابن عقيل - ابن عقيل الهمداني - ج ١ - الصفحة ٢٦٦
62 - ألا يا اسلمي، يا دارمي، على البلى، ولا زال منهلا بجرعائك القطر .
62 - البيت لذي الرمة غيلان بن عقبة يقوله في صاحبته مية.
اللغة: " البلى " من بلى الثوب يبلي على وزن رضى يرضي أي: خلق ورث " منهلا " منسكبا منصبا " جرعائك " الجرعاء: رملة مستوية لا تنبت شيئا " القطر " المطر.
المعنى: يدعو لدار حبيبته بأن تدوم لها السلامة على مر الزمان من طوارق الحدثان وأن يدوم نزول الأمطار بساحتها، وكنى بنزول الأمطار عن الخصب والنماء بما يستتبع من رفاهية أهلها، وإقامتهم في ربوعها، وعدم المهاجرة منها لانتجاع الغيث والكلأ.
الاعراب: " ألا " أداة استفتاح وتنبيه " يا " حرف نداء، والمنادى محذوف، والتقدير " يا دارمية " " اسلمي " فعل أمر مقصود منه الدعاء، وياء المؤنثة المخاطبة فاعل " يا دار " يا: حرف نداء، ودار: منادى منصوب بالفتحة الظاهرة، ودار مضاف، و " مي " مضاف إليه " على البلى " جار ومجرور متعلق بأسلمي " ولا " الواو حرف عطف، لا: حرف دعاء " زال " فعل ماض ناقص " منهلا " خبر زال مقدم " بجرعائك " الجار والمجرور متعلق بقوله " منهلا " وجرعاء مضاف وضمير المخاطبة مضاف إليه " القطر " اسم زال مؤخر.
الشاهد فيه: للنحاة في هذا البيت شاهدان، الأول: في قوله " يا اسلمي " حيث حذف المنادى قبل فعل الامر فاتصل حرف النداء بالفعل لفظا، ولكن التقدير على دخول " يا " على المنادى المقدر، ولا يحسن في مثل هذا البيت أن تجعل " يا " حرف تنبيه، لان " ألا " السابقة عليها حرف تنبيه، ومن قواعدهم المقررة أنه لا يتوالى حرفان بمعنى واحد لغير توكيد، ومثل هذا البيت في ما ذكرنا قول الشماخ.
يقولون لي: يا احلف، ولست بحالف أخادعهم عنها لكيما أنالها فقد أراد: يقولون لي يا هذا احلف، ومثله قول الأخطل:
ألا يا اسلمي يا هند هند بني بكر * ولا زال حيانا عدى آخر الدهر أراد: ألا يا هند اسلمي يا هند بني بكر، ومثله قول الآخر:
ألا يا اسلمي ذات الدماليج والعقد * وذات الثنايا الغر والفاحم الجعد أراد: ألا يا ذات الدماليج اسلمي ذات الدماليج إلخ، ومثل الامر الدعاء كما في قول الفرزدق:
يا أرغم الله أنفا أنت حامله * يا ذا الخنى ومقال الزور والخطل يريد: يا هذا أرغم الله أنفا إلخ، ومثله قول الآخر:
يا لعنة الله والأقوام كلهم * والصالحين على سمعان من جار فيمن رواه برفع " لعنة الله ".
والشاهد الثاني في قوله " ولا زال إلخ " حيث أجرى " زال " مجرى " كان " في رفعها الاسم ونصب الخبر، لتقدم " لا " الدعائية عليها، والدعاء شبه النفي.