شرح ابن عقيل - ابن عقيل الهمداني - ج ١ - الصفحة ١٩٧
الوصف مع الفاعل: إما أن يتطابقا إفرادا أو تثنية أو جمعا، أو لا يتطابقا، وهو قسمان: ممنوع، وجائز.
فإن تطابقا إفرادا - نحو " أقائم زيد " - جاز فيه وجهان (1)، أحدهما: أن .
(1) ههنا ثلاثة أمور نحب أن ننبهك إليها، الأول: أنه لا ينحصر جواز الوجهين في أن (يتطابق) الوصف والمرفوع إفرادا، بل مثله ما إذا كان الوصف مما يستوي فيه المفرد والمثنى والجمع وكان المرفوع بعده واحدا منها، نحو أقتيل زيد، ونحو أجريح الزيدان، ونحو أصديق المحمدون؟ وقد اختلفت كلمة العلماء فيما إذا كان الوصف جمع تكسير والمرفوع بعده مثنى أو مجموعا، فذكر قوم أنه يجوز فيه الوجهان أيضا، وذلك نحو: أقيام أخواك؟ ونحو أقيام إخوتك؟ وعلى هذا تكون الصور التي يجوز فيها الأمران ست صور: أن يتطابق الوصف والمرفوع إفرادا، وأن يكون الوصف مما يستوي فيه المفرد وغيره والمرفوع مفردا، أو مثنى، أو مجموعا، وأن يكون الوصف جمع تكسير والمرفوع مثنى، أو جمعا، وذهب قوم منهم الشاطبي إلى أنه يجب في الصورتين الأخيرتين كون الوصف خبرا مقدما.
والامر الثاني: أنه مع جواز الوجهين فيما ذكرنا من هذه الصور فإن جعل الوصف مبتدأ والمرفوع بعده فاعلا أغنى عن الخبر أرجح من جعل الوصف خبرا مقدما، وذلك لان جعله خبرا مقدما فيه الحمل على شئ مختلف فيه، إذ الكوفيون لا يجوزون تقديم الخبر على المبتدأ أصلا، ومع هذا فالتقديم والتأخير خلاف الأصل عند البصريين.
والامر الثالث: أن محل جواز الوجهين فيما إذا لم يمنع من أحدهما مانع، فإذا منع من أحدهما مانع تعين الآخر، ففي قوله تعالى (أراغب أنت عن آلهتي) وفي قولك " أحاضر اليوم أختك " يمتنع جعل الوصف خبرا مقدما، أما في الآية فقد ذكر الشارح وجه ذلك فيها، وإن يكن قد ذكره بعبارة يدل ظاهرها على أنه مرجح لا موجب، وأما المثال فلأنه يلزم على جعل الوصف خبرا مقدما الاخبار بالمذكر عن المؤنث، وهو لا يجوز أصلا، والفصل بين الفاعل والعامل فيه يجوز ترك علامة التأنيث من العامل إذا كان الفاعل مؤنثا، وفي قولك " أفي داره أبوك " يمتنع جعل " أبوك " فاعلا، لأنه يلزم عليه عود الضمير من " في داره " على المتأخر لفظا ورتبة، وهو ممتنع.