شرح ابن عقيل - ابن عقيل الهمداني - ج ١ - الصفحة ١٩٥
فخير: مبتدأ، ونحن: فاعل سد مسد الخبر، ولم يسبق " خير " نفي ولا استفهام، وجعل من هذا قوله:
41 - خبير بنو لهب، فلا تك ملغيا * مقالة لهب إذا الطير مرت فخبير: مبتدأ، وبنو لهب: فاعل سد مسد الخبر.
* * * .
41 - هذا البيت ينسب إلى رجل طائي، ولم يعين أحد اسمه فيما بين أيدينا من المراجع.
اللغة: " خبير " من الخبرة، وهي العلم بالشئ " بنو لهب " جماعة من بني نصر ابن الأزد، يقال: إنهم أزجر قوم، وفيهم يقول كثير بن عبد الرحمن المعروف بكثيرة عزة:
تيممت لهبا أبتغي العلم عندهم * وقد صار علم العائفين إلى لهب المعنى: إن بني لهب عالمون بالزجر والعيافة، فإذا قال أحدهم كلاما فاستمع إليه، ولا تلغ ما يذكره لك إذا زجر أو عاف حين تمر الطير عليه.
الاعراب: " خبير " مبتدأ، والذي سوغ الابتداء به - مع كونه نكرة - أنه عامل فيما بعده " بنو " فاعل بخبير سد مسد الخبر، وبنو مضاف، و " لهب " مضاف إليه " فلا " الفاء عاطفة، لا: ناهية " تك " فعل مضارع ناقص مجزوم بلا، وعلامة جزمه سكون النون المحذوفة للتخفيف، واسمه ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت " ملغيا " خبرتك، وهو اسم فاعل فيحتاج إلى فاعل، وفاعله ضمير مستتر فيه " مقالة " مفعول به لملغ، ومقالة مضاف و " لهبي " مضاف إليه " إذا " ظرف للمستقبل من الزمان ويجوز أن يكون مضمنا معنى الشرط " الطير " فاعل بفعل محذوف يفسره المذكور بعده، والتقدير: إذا مرت الطير، والجملة من الفعل المحذوف وفاعله في محل جر بإضافة " إذا " إليها، وهي جملة الشرط، وجواب الشرط محذوف يدل عليه الكلام، والتقدير: إذا مرت الطير فلا تك ملغيا. إلخ " مرت " مر: فعل ماض، والتاء للتأنيث، والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هي يعود على " الطير " والجملة من مرت المذكور وفاعله لا محل لها من الاعراب مفسرة.
الشاهد فيه: قوله " خبير بنو لهب " حيث استغنى بفاعل خبير عن الخبر، مع أنه لم يتقدم على الوصف نفي ولا استفهام، هذا توجيه الكوفيين والأخفش للبيت، ومن ثم لم يشترطوا تقدم النفي أو نحوه على الوصف استنادا إلى هذا البيت ونحوه.
ويرى البصريون - ما عدا الأخفش - أن قوله " خبير " خبر مقدم، وقوله " بنو " مبتدأ مؤخر، وهذا هو الراجح الذي نصره العلماء كافة، فإذا زعم أحد أنه يلزم على هذا محظور - وإيضاحه أن شرط المبتدأ والخبر أن يكونا متطابقين، إفرادا وتثنية وجمعا، وهنا لا تطابق بينهما لان " خبير " مفرد، و " بنو لهب " جمع، فلزم على توجيه البصريين الاخبار عن الجمع بالمفرد - فالجواب على هذا أيسر مما تظن، فإن " خبير " في هذا البيت يستوي فيه المذكر والمؤنث والمفرد والمثنى والجمع، بسبب كونه على زنة المصدر مثل الذميل والصهيل، والمصدر يخبر به عن الواحد والمثنى والجمع بلفظ واحد، تقول: محمد عدل، والمحمدان عدل، والمحمدون عدل، ومن عادة العرب أن يعطوا الشئ الذي يشبه شيئا حكم ذلك الشئ، تحقيقا لمقتضى المشابهة، وقد وردت صيغة فعيل مخبرا بها عن الجماعة، والدليل على أنه كما ذكرناه وروده خبرا ظاهرا عن الجمع في نحو قوله تعالى: (والملائكة بعد ذلك ظهير) وقول الشاعر:
* هن صديق للذي لم يشب *