شرح ابن عقيل - ابن عقيل الهمداني - ج ١ - الصفحة ١٩١
فغير: مبتدأ، ولاه: مخفوض بالإضافة، وعداك: فاعل بلاه سد مسد خبر غير، ومثل قوله:
39 - غير مأسوف على زمن * ينقضي بالهم والحزن .
39 - البيت لأبي نواس - الحسن بن هاني بن عبد الأول، الحكمي - وهو ليس ممن يستشهد بكلامه، وإنما أورده الشارح مثالا للمسألة، ولهذا قال " ومثله قوله " وبعد هذا البيت بيت آخر، وهو:
إنما يرجو الحياة فتى * عاش في أمن من المحن اللغة: " مأسوف " اسم مفعول من الأسف، وهو أشد الحزن، وفعله من باب فرح، وزعم ابن الخشاب أنه مصدر جاء على صيغة اسم المفعول مثل الميسور، والمعسور، والمجلود، والمحلوف، بمعنى اليسر والعسر والجلد والحلف، ثم أريد به اسم الفاعل، وستعرف في بيان الاستشهاد ما ألجأه إلى هذا التكلف ووجه الرد عليه.
المعنى: إنه لا ينبغي لعاقل أن يأسف على زمن ليس فيه إلا هموم تتلوها هموم، وأحزان تأتي من ورائها أحزان، بل يجب عليه أن يستقبل الزمان بغير مبالاة ولا اكتراث.
الاعراب: " غير " مبتدأ، وغير مضاف " مأسوف " مضاف إليه " على زمن " جار ومجرور متعلق بمأسوف، على أنه نائب فاعل سد مسد خبر المبتدأ " ينقضي " فعل مضارع، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود على " زمن " والجملة من ينقضي وفاعله في محل جر صفة لزمن " بالهم " جار ومجرور متعلق بمحذوف حال من الضمير المستتر في ينقضي " والحزن " الواو حرف عطف، الحزن: معطوف على الهم.
التمثيل به: في قوله " غير مأسوف على زمن " حيث أجرى قوله " على زمن " النائب عن الفاعل مجرى الزيدين في قولك " ما مضروب الزيدان في أن كل واحد منهما سد مسد الخبر، لان المتضايفين بمنزلة الاسم الواحد، فحيث كان نائب الفاعل يسد مع أحدهما مسد الخبر فإنه يسد مع الآخر أيضا، وكأنه قال " ما مأسوف على زمن " على ما بيناه في الشاهد السابق.
هذا أحد توجيهات ثلاثة في ذلك ونحوه، وإليه ذهب ابن الشجري في أماليه.
والتوجيه الثاني لابن جنى وابن الحاجب، وحاصله أن قوله " غير " خبر مقدم، وأصل الكلام: " زمن ينقضي بالهم غير مأسوف عليه " وهو توجيه ليس بشئ؟ لما يلزم عليه من التكلفات البعيدة، لان العبارة الواردة في البيت لا تصير إلى هذا إلا بتكلف كثير.
والتوجيه الثالث لابن الخشاب، وحاصله أن قوله " غير " خبر لمبتدأ محذوف تقديره " أنا غير - إلخ " وقوله " مأسوف " ليس اسم مفعول، بل هو مصدر مثل " الميسور والمعسور، والمجلود، والمحلوف " وأراد به هنا اسم الفاعل، فكأنه قال " أنا غير آسف - إلخ " وانظر ما فيه من التكلف والمشقة والجهد.
ومثل هذا البيت والشاهد السابق قول المتنبي يمدح بدر بن عمار:
ليس بالمنكر أن برزت سبقا * غير مدفوع عن السبق (العراب)