لسان العرب - ابن منظور - ج ١٥ - الصفحة ٩٦
وعشي وعرج ولا نقول حمر ولا بيض ولا صفر، قال الفراء:
ليس بشئ، إنما ينظر في هذا إلى ما كان لصاحبه فعل يقل أو يكثر، فيكون أفعل دليلا على قلة الشئ وكثرته، ألا ترى أنك تقول فلان أقوم من فلان وأجمل، لأن قيام ذا يزيد على قيام ذا، وجماله يزيد على جماله، ولا تقول للأعميين هذا أعمى من ذا، ولا لميتين هذا أموت من ذا، فإن جاء شئ منه في شعر فهو شاذ كقوله:
أما الملوك، فأنت اليوم ألأمهم لؤما، وأبيضهم سربال طباخ وقولهم: ما أعماه إنما يراد به ما أعمى قلبه لأن ذلك ينسب إليه الكثير الضلال، ولا يقال في عمى العيون ما أعماه لأن ما لا يتزيد لا يتعجب منه. وقال الفراء في قوله تعالى: وهو عليهم عمى أولئك ينادون من مكان بعيد، قرأها ابن عباس، رضي الله عنه: عم. وقال أبو معاذ النحوي: من قرأ وهو عليهم عمى فهو مصدر. كقولك: هذا الأمر عمى، وهذه الأمور عمى لأنه مصدر، كقولك: هذه الأمور شبهة وريبة، قال: ومن قرأ عم فهو نعت، تقول أمر عم وأمور عمية. ورجل عم في أمره: لا يبصره، ورجل أعمى في البصر، وقال الكميت:
ألا هل عم في رأيه متأمل ومثله قول زهير:
ولكنني عن علم ما في غد عم والعامي: الذي لا يبصر طريقه، وأنشد:
لا تأتيني تبتغي لين جانبي برأسك نحوي عاميا متعاشيا قال ابن سيده: وأعماه وعماه صيره أعمى، قال ساعدة بن جؤية:
وعمى عليه الموت يأتي طريقه سنان، كعسراء العقاب ومنهب (* قوله وعمى الموت إلخ برفع الموت فاعلا كما في الأصول هنا، وتقدم لنا ضبطه في مادة عسر بالنصب والصواب ما هنا، وقوله ويروى: وعمى عليه الموت بابي طريقه يعني عينيه إلخ هكذا في الأصل والمحكم هنا، وتقدم لنا في مادة عسر أيضا: ويروى يأبى طريقه يعني عيينة، والصواب ما هنا.) يعني بالموت السنان فهو إذا بدل من الموت، ويروى، وعمى عليه الموت بابي طريقه يعني عينيه. ورجل عم إذا كان أعمى القلب. ورجل عمي القلب أي جاهل. والعمى: ذهاب نظر القلب، والفعل كالفعل، والصفة كالصفة، إلا أنه لا يبنى فعله على افعال لأنه ليس بمحسوس، وإنما هو على المثل، وافعال إنما هو للمحسوس في اللون والعاهة. وقوله تعالى: وما يستوي الأعمى والبصير ولا الظلمات ولا النور ولا الظل ولا الحرور، قال الزجاج: هذا مثل ضربه الله للمؤمنين والكافرين، والمعنى وما يستوي الأعمى عن الحق، وهو الكافر، والبصير، وهو المؤمن الذي يبصر رشده، ولا الظلمات ولا النور، الظلمات الضلالات، والنور الهدى، ولا الظل ولا الحرور أي لا يستوي أصحاب الحق الذين هم في ظل من الحق ولا أصحاب الباطل الذين هم في حر دائم، وقول الشاعر:
وثلاث بين اثنتين بها ير سل أعمى بما يكيد بصيرا يعني القدح، وجعله أعمى لأنه لا بصر له، وجعله بصيرا لأنه يصوب إلى حيث يقصد به الرامي.
(٩٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 91 92 93 94 95 96 97 98 99 100 101 ... » »»
الفهرست