يفتي في الحج، فأقبل معتمرا ومعه ركب حتى نزلوا بعض المنازل في يوم شديد الحر فقال عمي: من جاءت عليه هذه الساعة من غد وهو حرام لم يقض عمرته، فهو حرام إلى قابل، فوثب الناس يضربون حتى وافوا البيت، وبينهم وبينه من ذلك الموضع ليلتان جوادان، فضرب مثلا. وقال الأزهري: هو عمي كأنه تصغير أعمى، قال: وأنشد ابن الأعرابي:
صك بها عين الظهيرة غائرا عمي، ولم ينعلن إلا ظلالها وفي الحديث: نهى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، عن الصلاة نصف النهار إذا قام قائم الظهيرة صكة عمي، قال: وعمي تصغير أعمى على الترخيم، ولا يقال ذلك إلا في حمارة القيظ، والإنسان إذا خرج نصف النهار في أشد الحر لم يتهيأ له أن يملأ عينيه من عين الشمس، فأرادوا أنه يصير كالأعمى، ويقال: هو اسم رجل من العمالقة أغار على قوم ظهرا فاستأصلهم فنسب الوقت إليه، وقول الشاعر:
يحسبه الجاهل، ما كان عمى، شيخا، على كرسيه، معمما أي إذا نظر إليه من بعيد، فكأن العمى هنا البعد، يصف وطب اللبن، يقول إذا رآه الجاهل من بعد ظنه شيخا معمما لبياضه.
والعماء، ممدود: السحاب المرتفع، وقيل: الكثيف، قال أبو زيد: هو شبه الدخان يركب رؤوس الجبال، قال ابن بري: شاهده قول حميد بن ثور:
فإذا احزألا في المناخ، رأيته كالطود أفرده العماء الممطر وقال الفرزدق:
ووفراء لم تخرز بسير، وكيعة، غدوت بها طبا يدي برشائها ذعرت بها سربا نقيا جلوده، كنجم الثريا أسفرت من عمائها ويروى:
إذ بدت من عمائها وقال ابن سيده: العماء الغيم الكثيف الممطر، وقيل: هو الرقيق، وقيل: هو الأسود، وقال أبو عبيد: هو الأبيض، وقيل: هو الذي هراق ماءه ولم يتقطع تقطع الجفال، واحدته عماءة. وفي حديث أبي رزين العقيلي أنه قال للنبي، صلى الله عليه وسلم: أين كان ربنا قبل أن يخلق السماوات والأرض؟ قال: في عماء تحته هواء وفوقه هواء، قال أبو عبيد: العماء في كلام العرب السحاب، قاله الأصمعي وغيره، وهو ممدود، وقال الحرث بن حلزة:
وكأن المنون تردي بنا أع - صم صم، ينجاب عنه العماء يقول: هو في ارتفاعه قد بلغ السحاب فالسحاب ينجاب عنه أي ينكشف، قال أبو عبيد: وإنما تأولنا هذا الحديث على كلام العرب المعقول عنهم ولا ندري كيف كان ذلك العماء، قال: وأما العمى في البصر فمقصور وليس هو من هذا الحديث في شئ. قال الأزهري: وقد بلغني عن أبي الهيثم، ولم يعزه إليه ثقة، أنه قال في تفسير هذا الحديث ولفظه إنه كان في عمى، مقصور، قال: وكل أمر لا تدركه القلوب بالعقول فهو عمى، قال: والمعنى أنه كان حيث لا تدركه عقول بني آدم ولا