لسان العرب - ابن منظور - ج ١٥ - الصفحة ٧٤
وأما قول الله عز وجل في آية ما يجب للمرأة من نصف الصداق إذا طلقت قبل الدخول بها فقال: إلا أن يعفون أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح، فإن العفو ههنا معناه الإفضال بإعطاء ما لا يجب عليه، أو ترك المرأة ما يجب لها، يقال: عفوت لفلان بمالي إذا أفضلت له فأعطيته، وعفوت له عما لي عليه إذا تركته له، وقوله: إلا أن يعفون فعل لجماعة النساء يطلقهن أزواجهن قبل أن يمسوهن مع تسمية الأزواج لهن مهورهن، فيعفون لأزواجهن بما وجب لهن من نصف المهر ويتركنه لهم، أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح، وهو الزوج، بأن يتمم لها المهر كله، وإنما وجب لها نصفه، وكل واحد من الزوجين عاف أي مفضل، أما إفضال المرأة فأن تترك للزوج المطلق ما وجب لها عليه من نصف المهر، وأما إفضاله فأن يتم لها المهر كملا، لأن الواجب عليه نصفه فيفضل متبرعا بالكل، والنون من قوله يعفون نون فعل جماعة النساء في يفعلن، ولو كان للرجال لوجب أن يقال إلا أن يعفوا، لأن أن تنصب المستقبل وتحذف النون، وإذا لم يكن مع فعل الرجال ما ينصب أو يجزم قيل هم يعفون، وكان في الأصل يعفوون، فحذفت إحدى الواوين استثقالا للجمع بينهما، فقيل يعفون، وأما فعل النساء فقيل لهن يعفون لأنه على تقدير يفعلن. ورجل عفو عن الذنب: عاف. وأعفاه من الأمر:
برأه. واستعفاه: طلب ذلك منه. والاستعفاء: أن تطلب إلى من يكلفك أمرا أن يعفيك منه. يقال: أعفني من الخروج معك أي دعني منه. واستعفاه من الخروج معه أي سأله الإعفاء منه. وعفت الإبل المرعى: تناولته قريبا. وعفاه يعفوه:
أتاه، وقيل: أتاه يطلب معروفه، والعفو المعروف، والعفو الفضل. وعفوت الرجل إذا طلبت فضله. والعافية والعفاة والعفى:
الأضياف وطلاب المعروف، وقيل: هم الذين يعفونك أي يأتونك يطلبون ما عندك. وعافية الماء: واردته، واحدهم عاف. وفلان تعفوه الأضياف وتعتفيه الأضياف وهو كثير العفاة وكثير العافية وكثير العفى. والعافي: الرائد والوارد لأن ذلك كله طلب، قال الجذامي يصف ماء:
ذا عرمض تخضر كف عافيه أي وارده أو مستقيه. والعافية: طلاب الرزق من الإنس والدواب والطير، أنشد ثعلب:
لعز علينا، ونعم الفتى مصيرك يا عمرو، والعافية يعني أن قتلت فصرت أكلة للطير والضباع وهذا كله طلب. وفي الحديث: من أحيا أرضا ميتة فهي له، وما أكلت العافية منها فهو له صدقة، وفي رواية: العوافي. وفي الحديث في ذكر المدينة: يتركها أهلها على أحسن ما كانت مذللة للعوافي، قال أبو عبيد: الواحد من العافية عاف، وهو كل من جاءك يطلب فضلا أو رزقا فهو عاف ومعتف، وقد عفاك يعفوك، وجمعه عفاة، وأنشد قول الأعشى:
تطوف العفاة بأبوابه، كطوف النصارى ببيت الوثن قال: وقد تكون العافية في هذا الحديث من الناس وغيرهم، قال: وبيان ذلك في حديث أم مبشر الأنصارية قالت: دخل علي رسول الله، صلى الله
(٧٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 69 70 71 72 73 74 75 76 77 78 79 ... » »»
الفهرست