لسان العرب - ابن منظور - ج ١٥ - الصفحة ١٩٥
أي لا يظهر أثر الشتاء بجارهم. وفي حديث عمر، رضي الله عنه، في الاستسقاء: اللهم إنا نتقرب إليك بعم نبيك وقفية آبائه وكبر رجاله، يعني العباس. يقال: هذا قفي الأشياخ وقفيتهم إذا كان الخلف منهم، مأخوذ من قفوت الرجل إذا تبعته، يعني أنه خلف آبائه وتلوهم وتابعهم كأنه ذهب إلى استسقاء أبيه عبد المطلب لأهل الحرمين حين أجدبوا فسقاهم الله به، وقيل: القفية المختار. واقتفاه إذا اختاره. وهو القفوة: كالصفوة من اصطفى، وقد تكرر ذلك القفو والاقتفاء في الحديث اسما وفعلا ومصدرا. ابن سيده:
وفلان قفي أهله وقفيتهم أي الخلف منهم لأنه يقفو آثارهم في الخير. والقافية من الشعر: الذي يقفو البيت، وسميت قافية لأنها تقفو البيت، وفي الصحاح: لأن بعضها يتبع أثر بعض. وقال الأخفش: القافية آخر كلمة في البيت، وإنما قيل لها قافية لأنها تقفو الكلام، قال: وفي قولهم قافية دليل على أنها ليست بحرف لأن القافية مؤنثة والحرف مذكر، وإن كانوا قد يؤنثون المذكر، قال: وهذا قد سمع من العرب، وليست تؤخذ الأسماء بالقياس، ألا ترى أن رجلا وحائطا وأشباه ذلك لا تؤخذ بالقياس إنما ينظر ما سمته العرب، والعرب لا تعرف الحروف؟ قال ابن سيده: أخبرني من أثق به أنهم قالوا لعربي فصيح أنشدنا قصيدة على الذال فقال: وما الذال؟
قال: وسئل بعض العرب عن الذال وغيرها من الحروف فإذا هم لا يعرفون الحروف، وسئل أحدهم عن قافية:
لا يشتكين عملا ما أنقين فقال: أنقين، وقالوا لأبي حية: أنشدنا قصيدة على القاف فقال:
كفى بالنأي من أسماء كاف فلم يعرف القاف. قال محمد بن المكرم: أبو حية، على جهله بالقاف في هذا كما ذكر، أفصح منه على معرفتها، وذلك لأنه راعى لفظة قاف فحملها على الظاهر وأتاه بما هو على وزن قاف من كاف ومثلها، وهذا نهاية العلم بالألفاظ وإن دق عليه ما قصد منه من قافية القاف، ولو أنشده شعرا على غير هذا الروي مثل قوله:
آذنتنا ببينها أسماء ومثل قوله:
لخولة أطلال ببرقة ثهمد (* قوله ببرقة هي بالضم كما في ياقوت، وضبطت في تمهد بالفتح خطأ.) كان يعد جاهلا وإنما هو أنشده على وزن القاف، وهذه معذرة لطيفة عن أبي حية، والله أعلم. وقال الخليل: القافية من آخر حرف في البيت إلى أول ساكن يليه مع الحركة التي قبل الساكن، ويقال مع المتحرك الذي قبل الساكن كأن القافية على قوله من قول لبيد:
عفت الديار محلها فمقامها من فتحة القاف إلى آخر البيت، وعلى الحكاية الثانية من القاف نفسها إلى آخر البيت، وقال قطرب: القافية الحرف الذي تبنى القصيدة عليه، وهو المسمى رويا، وقال ابن كيسان: القافية كل شئ لزمت إعادته في آخر البيت، وقد لاذ هذا بنحو من قول الخليل لولا خلل فيه، قال ابن جني: والذي يثبت عندي صحته من هذه الأقوال هو قول الخليل، قال ابن سيده: وهذه الأقوال إنما يخص بتحقيقها صناعة القافية، وأما نحن فليس من غرضنا هنا إلا أن نعرف
(١٩٥)
مفاتيح البحث: الجهل (1)، الإستسقاء (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 190 191 192 193 194 195 196 197 198 199 200 ... » »»
الفهرست