سببه، وقال الخطابي: معنى الحديث ما ذهب إليه ابن الأعرابي، وهو أن من نسي القرآن لقي الله تعالى خالي اليد من الخير، صفرها من الثواب، فكنى باليد عما تحويه وتشتمل عليه من الخير، قال ابن الأثير: وفي تخصيص حديث علي بذكر اليد معنى ليس في حديث نسيان القرآن، لأن البيعة تباشرها اليد من بين سائر الأعضاء، وهو أن يضع المبايع يده في يد الإمام عند عقد البيعة وأخذها عليه، ومنه الحديث: كل خطبة ليس فيها شهادة كاليد الجذماء أي المقطوعة. وفي الحديث أنه قال لمجذوم في وفد ثقيف: ارجع فيد بايعناك، المجذوم: الذي أصابه الجذام، كأنه من جذم فهو مجذوم، وإنما ردة النبي، صلى الله عليه وسلم، لئلا ينظر أصحابه إليه فيزدروه ويروا لأنفسهم فضلا عليه، فيدخلهم العجب والزهو، أو لئلا يحزن المجذوم برؤية النبي، صلى الله عليه وسلم، وأصحابه وما فضلوا عليه فيقل شكره على بلاء الله، وقيل: لأن الجذام من الأمراض المعدية، وكان العرب تتطير منه وتتجنبه، فرده لذلك، أو لئلا يعرض لأحدهم جذام فيظن أن ذلك قد أعداه، ويعضد ذلك حديثه الآخر: أنه أخذ بيد مجذوم فوضعها مع يده في القصعة وقال: كل ثقة بالله وتوكلا عليه، وإنما فعل ذلك ليعلم الناس أن شيئا من ذلك لا يكون إلا بتقدير الله عز وجل، ورد الأول لئلا يأثم فيه الناس، فإن يقينهم يقصر عن يقينه. وفي الحديث: لا تديموا النظر إلى المجذومين، لأنه إذا أدام النظر إليه حقره، ورأى لنفسه عليه فضلا، وتأذى به المنظور إليه. وفي حديث ابن عباس: أربع لا يجزن في البيع ولا النكاح:
المجنونة والمجذومة والبرصاء والعفلاء، والجمع من ذلك جذمى مثل حمقى ونوكى. وجذم الرجل، بالكسر، جذما: صار أجذم، وهو المقطوع اليد.
والجذم، بالكسر: أصل الشئ، وقد يفتح. وجذم كل شئ: أصله، والجمع أجذام وجذوم. وجذم الشجرة: أصلها، وكذلك من كل شئ.
وجذم القوم: أصلهم. وفي حديث حاطب: لم يكن رجل من قريش إلا له جذم بمكة، يريد الأهل والعشيرة. وجذم الأسنان: منابتها، وقال الحرث بن وعلة الذهلي:
ألآن لما ابيض مسربتي، وعضضت من نابي على جذم أي كبرت حتى أكلت على جذم نابي. وفي حديث عبد الله بن زيد في الأذان: أنه رأى في المنام كأن رجلا نزل من السماء فعلا جذم حائط فأذن، الجذم: الأصل، أراد بقية حائط أو قطعة من حائط.
والجذم والخذم: القطع. والانجذام: الانقطاع، قال النابغة: بانت سعاد فأمسى حبلها انجذما، واحتلت الشرع فالأجراع من إضما (* في ديوان النابغة: وأمسى بدل فأمسى، والشرع بدل الشرع، والأجزاع بدل الاجراع).
وفي حديث قتادة في قوله تعالى: والركب أسفل منكم، قال:
انجذم أبو سفيان بالعير أي انقطع بها (* قوله أي انقطع بها إلخ عبارة النهاية: أي انقطع عن الجادة نحو البحر). من الركب. وسار وأجذم السير: أسرع فيه، قال لبيد:
صائب الجذمة من غير فشل