: عرقا من لبن، وهو الصواب. وما أكثر عرق إبلك وغنمك أي لبنها ونتاجها. وفي حديث عمر: ألا لا تغالوا صدق النساء فإن الرجال تغالي بصداقها حتى تقول جشمت إليك عرق القربة، قال الكسائي: عرق القربة أن يقول نصبت لك وتكلفت وتعبت حتى عرقت كعرق القربة، وعرقها سيلان مائها، وقال أبو عبيدة:
تكلفت إليك ما لا يبلغه أحد حتى تجشمت ما لا يكون لأن القربة لا تعرق، وهذا مثل قولهم: حتى يشيب الغراب ويبيض الفأر، وقيل: أراد بعرق القربة عرق حاملها من ثقلها، وقيل: أراد إني قصدتك وسافرت إليك واحتجت إلى عرق القربة وهو ماؤها، قال الأصمعي: عرق القربة معناه الشدة ولا أدري ما أصله، وأنشد لابن أحمر الباهلي:
ليست بمشتمة تعد، وعفوها عرق السقاء على القعود اللاغب قال: أراد أنه يسمع الكلمة تغيظه وليست بمشتمة فيؤاخذ بها صاحبها وقد أبلغت إليه كعرق السقاء على القعود اللاغب، وأراد بالسقاء القربة، وقيل:
لقيت منه عرق القربة أي شدة ومشقة، ومعناه أن القربة إذا عرقت وهي مدهونة خبث ريحها، وأنشد بيت ابن أحمر: ليست بمشتمة، وقال: أراد عرق القربة فلم يستقم له الشعر كما قال رؤبة:
كالكرم إذ نادى من الكافور وإنما يقال: صاح الكرم إذا نور، فكره احتمال الطي لأن قوله صاح من المفتعلن فقال نادى، فأتم الجزء على موضوعه في بحره لأن نادى من المستفعلن، وقيل: معناه جشمت إليك النصب والتعب والغرم والمؤونة حتى جشمت إليك عرق القربة أي عراقها الذي يخرز حولها، ومن قال علق القربة أراد السيور التي تعلق بها، وقال ابن الأعرابي: كلفت إليك عرق القربة وعلق القربة، فأما عرقها فعرقك بها عن جهد حملها وذلك لأن أشد الأعمال عندهم السقي، وأما علقها فما شدت به ثم علقت، وقال ابن الأعرابي: عرق القربة وعلقها واحد، وهو معلاق تحمل به القربة، وأبدلوا الراء من اللام كما قالوا لعمري ورعملي. قال الجوهري: لقيت من فلان عرق القربة، العرق إنما هو للرجل لا للقربة، وأصله أن القرب إنما تحملها الإماء الزوافر ومن لا معين له، وربما افتقر الرجل الكريم واحتاج إلى حملها بنفسه فيعرق لما يلحقه من المشقة والحياء من الناس، فيقال: تجشمت لك عرق القربة. وعرق التمر: دبسه. وناقة دائمة العرق أي الدرة، وقيل: دائمة اللبن. وفي غنمه عرق أي نتاج كثير، عن ابن الأعرابي.
وعرق كل شئ: أصله، والجمع أعراق وعروق، ورجل معرق في الحسب والكرم، ومنه قول قتيلة بنت النضر بن الحرث:
أمحمد ولأنت ضنء نجيبة * في قومها، والفحل فحل معرق أي عريق النسب أصيل، ويستعمل في اللؤم أيضا، والعرب تقول: إن فلانا لمعرق له في الكرم، وفي اللؤم أيضا. وفي حديث عمر بن عبد العزيز: إن امرأ ليس بينه وبين آدم أب حي لمعرق له في الموت أي إن له فيه عرقا وإنه أصيل في الموت. وقد عرق فيه أعمامه وأخواله وأعرقوا، وأعرق فيه إعراق العبيد والإماء إذا خالطه ذلك وتخلق بأخلاقهم.