أن ابن عباس كان يراها حلالا، ثم لما وقف على نهي النبي، صلى الله عليه وسلم، رجع عن إحلالها، قال عطاء: سمعت ابن عباس يقول ما كانت المتعة إلا رحمة رحم الله بها أمة محمد، صلى الله عليه وسلم، فلولا نهيه عنها ما احتاج إلى الزنا أحد إلا شفى والله، ولكأني أسمع قوله: إلا شفى، عطاء القائل، قال عطاء: فهي التي في سورة النساء فما استمتعتم به منهن إلى كذا وكذا من الأجل على كذا وكذا شيئا مسمى، فإن بدا لهما أن يتراضيا بعد الأجل وإن تفرقا فهم وليس بنكاح هكذا الأصل، قال الأزهري: وهذا حديث صحيح وهو الذي يبين أن ابن عباس صح له نهي النبي، صلى الله عليه وسلم، عن المتعة الشرطية وأنه رجع عن إحلالها إلى تحريمها، وقوله إلا شفى أي إلا أن يشفي أي يشرف على الزنا ولا يوافقه، أقام الاسم وهو الشفى مقام المصدر الحقيقي، وهو الإشفاء على الشئ، وحرف كل شئ شفاه، ومنه قوله تعالى: على شفى جرف هار، وأشفى على الهلاك إذا أشرف عليه، وإنما بينت هذا البيان لئلا يغر بعض الرافضة غرا من المسلمين فيحل له ما حرمه الله عز وجل على لسان رسوله، صلى الله عليه وسلم، فإن النهي عن المتعة الشرطية صح من جهات لو لم يكن فيه غير ما روي عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، رضي الله عنه، ونهيه ابن عباس عنها لكان كافيا، وهي المتعة كانت ينتفع بها إلى أمد معلوم، وقد كان مباحا في أول الإسلام ثم حرم، وهو الآن جائز عند الشيعة.
ومتع النهار يمتع متوعا: ارتفع وبلغ غاية ارتفاعه قبل الزوال، ومنه قول الشاعر:
وأدركنا بها حكم بن عمرو، وقد متع النهار بنا فزالا وقيل: ارتفع وطال، وأنشد ابن بري قول سويد ابن أبي كاهل:
يسبح الآل على أعلامها وعلى البيد، إذا اليوم متع ومتعت الضحى متوعا ترجلت وبلغت الغاية وذلك إلى أول الضحى. وفي حديث ابن عباس: أنه كان يفتي الناس حتى إذا متع الضحى وسئم، متع النهار: طال وامتد وتعالى، ومنه حديث مالك بن أوس:
بينا أنا جالس في أهلي حين متع النهار إذا رسول عمر، رضي الله عنه، فانطلقت إليه. ومتع السراب متوعا: ارتفع في أول النهار، وقول جرير:
ومنا، غداة الروع، فتيان نجدة، إذا متعت بعد الأكف الأشاجع أي ارتفعت من وقولك متع النهار والآل، ورواه ابن الأعرابي متعت ولم يفسره، وقيل قوله إذا متعت أي إذا احمرت الأكف والأشاجع من الدم.
ومتعة المرأة: ما وصلت به بعد الطلاق، وقد متعها. قال الأزهري: وأما قوله تعالى وللمطلقات متاع بالمعروف حقا على المتقين، وقال في موضع آخر: لا جناح عليكم إن طلقتم النساء ما لم تمسوهن أو تفرضوا لهن فريضة ومتعوهن على الموسع قدره وعلى المقتر قدره متاعا بالمعروف حقا على المحسنين، قال الأزهري: وهذا التمتيع الذي ذكره الله عز وجل للمطلقات على وجهين: أحدهما واجب لا يسعه تركه، والآخر غير واجب يستحب له فعله، فالواجب للمطلقة التي لم يكن زوجها حين تزوجها سمى لها صداقا ولم يكن دخل بها حتى طلقها، فعليه أن يمتعها بما عز وهان من متاع ينفعها