من أشغال الدنيا، وترك ملاذها، والزهد فيها، والعزلة عن أهلها، وتعهد مشاقها، حتى إن منهم من كان يخصي نفسه ويضع السلسلة في عنقه وغير ذلك من أنواع التعذيب، فنفاها النبي، صلى الله عليه وسلم، عن الإسلام، ونهى المسلمين عنها.
وفي الحديث: عليكم بالجهاد فإنه رهبانية أمتي، يريد أن الرهبان، وإن تركوا الدنيا وزهدوا فيها، وتخلوا عنها، فلا ترك ولا زهد ولا تخلي أكثر من بذل النفس في سبيل الله، وكما أنه ليس عند النصارى عمل أفضل من الترهب، ففي الإسلام لا عمل أفضل من الجهاد، ولهذا قال ذروة: سنام الإسلام الجهاد في سبيل الله.
ورهب الجمل: ذهب ينهض ثم برك من ضعف بصلبه.
والرهبى: الناقة المهزولة جدا، قال:
ومثلك رهبى، قد تركت رذية، * تقلب عينيها، إذا مر طائر وقيل: رهبى ههنا اسم ناقة، وإنما سماها بذلك. والرهب: كالرهبى. قال الشاعر:
وألواح رهب، كأن النسوع * أثبتن، في الدف منها، سطارا وقيل: الرهب الجمل الذي استعمل في السفر وكل، والأنثى رهبة.
وأرهب الرجل إذا ركب رهبا، وهو الجمل العالي، وأما قول الشاعر:
ولا بد من غزوة، بالمصيف، * رهب، تكل الوقاح الشكورا فإن الرهب من نعت الغزوة، وهي التي كل ظهرها وهزل.
وحكي عن أعرابي أنه قال: رهبت ناقة فلان فقعد عليها يحابيها، أي جهدها السير، فعلفها وأحسن إليها حتى ثابت إليها نفسها.
وناقة رهب: ضامر، وقيل: الرهب الجمل العريض العظام المشبوح الخلق، قال:
رهب، كبنيان الشآمي، أخلق والرهب: السهم الرقيق، وقيل: العظيم. والرهب: النصل الرقيق من نصال السهام، والجمع رهاب، قال أبو ذؤيب:
فدنا له رب الكلاب، بكفه * بيض رهاب، ريشهن مقزع وقال صخر الغي الهذلي:
إني سينهى عني وعيدهم * بيض رهاب، ومجنأ أجد وصارم أخلصت خشيبته، * أبيض مهو، في متنه ربد المجنأ: الترس. والأجد: المحكم الصنعة، وقد فسرناه في ترجمة جنأ.
وقوله تعالى: واضمم إليك جناحك من الرهب، قال أبو إسحق: من الرهب.
والرهب إذا جزم الهاء ضم الراء، وإذا حرك الهاء فتح الراء، ومعناهما واحد مثل الرشد والرشد. قال: ومعنى جناحك ههنا يقال : العضد، ويقال: اليد كلها جناح. قال الأزهري وقال مقاتل في قوله: من الرهب ، الرهب كم مدرعته. قال