نقد كتاب حياة محمد (ص) - السيد عبد الحسين نور الدين العاملي - الصفحة ٩٦
الحسن، وكانا قد استترا عند انتقال الدولة لولد العباس، وقلق حين لم يظفر بها، وقبض على أبيهما وإخوته وأودعهم أضيق السجون، وعذبهم أشد العذاب، ثم طلبهما أشد الطلب، حتى اضطرهما إلى الخروج عليه!
خرج محمد بالمدينة وبايعه أهلها بالخلافة، ولما بلغ المنصور خروجه هاله ذلك، وترسل بكل حيلة لإقناعه، وجرت بينهما مراسلات يحتج بها كل واحد على أنه أحق بالخلافة بفضل آبائه، المتقربين إلى رسول الله (ص). والتاريخ يحفظ تلك الرسائل وهي مبذولة لمن شاءها، فقد ذكرها أبو جعفر الطبري في حوادث سنه 145.
ووجه اليه المنصور عيسى بن موسى بن علي بالعساكر وقتله.
ثم تلاه بالخروج أخوه إبراهيم، خرج بالبصرة وبويع له فيها بالخلافة وقوي أمره واستولى على الأهواز وفارس وواسط، وتوجه نحو المنصور بالعساكر، فوجه المنصور لحربه عيسى بن موسى فهزمهم إبراهيم حتى وصل أوائلهم الكوفة وبها المنصور، فدعا بركابه وعول على الفرار، لكن المقادير شاءت له النصر، فلم يلبث أن أتاه البشير بقتل إبراهيم وفرار جيشه، فأنشد المنصور متمثلا بيت البارقي:
فألقت عصاها واستقربها النوى كما قر عينا بالإياب المسافر فما يكون حال ابن إسحاق بعدما سمعت، وقد أخرج من المدينة وقدم بغداد لائذا بظل المنصور مستميحا عطفه وبره؟ وما يكون حال السيرة التي أمره المنصور بتأليفها وإهدائها له وهو ذلك اليقظ الجبار، فلو ذكر ابن إسحاق فيها حادثة نجران كما وقعت وأن الله سبحانه أمر
(٩٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 91 92 93 94 95 96 97 98 99 100 101 ... » »»
الفهرست