نقد كتاب حياة محمد (ص) - السيد عبد الحسين نور الدين العاملي - الصفحة ٧٣
ليزفوا أرواح الشهداء منهم إلى الجنان، فكانوا لذلك يحرصون على الموت، ومن الذي لا يحرص على النقلة من الشقاء والبؤس إلى السعادة الخالدة والنعيم الدائم.
بخلاف قريش فإنهم يرون بالموت انتقالا من البقاء والوجود إلى العدم والفناء، أي من الخير المحض إلى الشر المحض، وهو أشد ما تأباه النفوس وترتاع له! لذلك ملئت قلوبهم رعبا وطارت ألبابهم فرقا من أبطال المسلمين حين رأوهم يستقبلون السيوف والرماح بطلاقة وبشر، وينغمسون في غمرات الموت ولهوات الشدائد طيبة نفوسهم باسمة ثغورهم!! فلم يملكوا أنفسهم عند ذلك دون أن فروا أمامهم في كل وجه، ومنحوهم أكتافهم يأسرون من شاؤوا ويقتلون من شاؤوا، ثم انقلب المسلمون إلى عاصمتهم ترف عليهم أعلام الظفر وألوية النصر، يقودون سبعين سيدا من قريش، مغلولة أيديهم إلى أعناقهم، ثم باعوهم إلى أهاليهم وعشائرهم بيع الخول!!
وهذه الوقعة هي التي كانت للمسلمين معجزة من معجزات الحرب!
ما الظن بهاتين الفئتين لو التفتا بعد هذه الوقعة بحرب ثانية كغزوة أحد، ونسبتها في العدد والعدة كنسبتها أولا، وأبطال الفئتين بها أبطالهما في الواقعة الأولى؟
من منهما يقدر النصر والظفر؟ أليست العادة والمنطق يقضيان بالغلبة للمسلمين، لكن الدكتور يدعي خلاف ذلك! ويزعم أن انتصار المسلمين صبيحة يوم أحد معجزة من معجزات الحرب!!
(٧٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 68 69 70 71 72 73 74 75 76 77 78 ... » »»
الفهرست