عليا! ولا يجوز القول بأن رسول الله دعاه على وجه التكلف أو المحاباة وهو يقول كما أخبر عنه الذكر الحكيم: (وما أنا من المتكلفين، إن أتبع إلا ما يوحى إلي) فرسول الله صلى الله عليه وآله يعلم ما عند على من العقل والمعرفة التي تميزه عن أبناء جيله، وتحشره في زمرة العقلاء البالغين المفكرين، فإنه معلمه ومثقفه، فإذا هو قد امتاز عن كافة أهل زمانه بمواهبه التي أهلته وهو في ذلك للأخوة والوزارة والخلافة، وجعلته من نبي الله بمنزلة هارون من موسى، وقد طفحت بذلك كتب السنن.
وثانيهما: أنه استمهل رسول الله حين دعاه إلى الاسلام وترك عبادة الأوثان ليشاور أباه، وأنه قضى ليله مضطربا في صدق دعوته وصحة رسالته، أيجوز في أحكام العقول على مثل علي عليه السلام بعد ما سمعته، نسبة التوقف والتردد في إجابة رسول الله إلى ما دعاه اليه؟ والشك في صدق رسالته، وأن يقضي ليله مرتابا مترددا فيها، والبراهين على صحتها أجلى من أن يرتاب فيها مغفل، فضلا عن علي عليه السلام!
فنحن ننكر على الدكتور أشد الإنكار أن يكون أحد روى في إسلام علي شيئا من هذا، واتحداه أن يدلنا على من روى ذلك!
وليست الحوادث التاريخية بالأمور الخيالية يصورها المرء كما يشاء، إنما هي وقائع حقيقية حفظها الأمناء وأداها الثقات، فهم مصدرها وعنهم تؤخذ.. وغيرها لغو وأساطير!
* *