لم يسعه غير الانحناء له إكبارا وإعظاما، لما استفاده ووعاه من العلوم والأخلاق. وقد وفينا مقامه بعض حقه في كتابنا (الكلمات الثلاث).
ومن هذه اللازمة وهذا الانقطاع تعرف حقيقة قوله صلى الله عليه وآله: أنا مدينة العلم وعلي بابها، وتعرف موقع كلام الدكتور من الحقيقة في إسلام علي مما ستسمعه! قال:
(وفيما محمد وخديجة يصليان يوما، دخل علي مفاجأة فرآهما يركعان ويسجدان ويتلوان ما تيسر مما أوحاه الله يومئذ من القرآن، فوقف الشاب دهشا حتى أتما صلاتهما، ثم سأل: لمن تسجدان؟ فأجابه محمد قال: إنا نسجد لله الذي بعثني نبيا وأمرني أن أدعو الناس اليه.
ودعا محمد ابن عمه عليا إلى عبادة الله وحده لا شريك له والى دينه الذي بعث به نبيه والى إنكار الأصنام من أمثال اللات والعزى، وتلا محمد ما تيسر من القرآن فأخذ علي على نفسه وسحره جمال الآيات وإعجازها، واستمهل ابن عمه حتى يشاور أباه ثم قضى ليله مضطربا حتى إذا أصبح أعلن اليهما أنه اتبعهما من غير حاجة إلى أبي طالب).
ذكر الدكتور هنا أمرين متضادين: أولهما أن عليا عليه السلام لم يكن يوم بعث رسول الله قد بلغ الحلم، وأن رسول الله صلى الله عليه وآله قد دعاه إلى الاسلام وتلا عليه ما أنزل من القرآن، وأنه تأثر بجمال الآيات وإعجازها، فدل بذلك على أن لرسول الله صلى الله عليه وآله سيرة خاصة مع علي عليه السلام لا تشبه سيرته مع الناس! فقد علمنا وعلم كل من قرأ سيرته (ص) في الدعوة إلى الله والايمان به، أنه لم يدع أحدا من شباب بني هاشم وساير قريش ممن لم يبلغ الحلم كما دعى