في وضع حرج ليقبل الصلح، ويرجع مالكا عن موقعه المتقدم في ميدان الحرب.
وكان طبيعيا في تلك اللحظة المصيرية الحاسمة العجيبة أن يرفض مالك، ويرفض معه الإمام (عليه السلام) أيضا، لكن لما بلغه أن حياة الإمام في خطر، عاد بروح ملؤها الحزن والألم، فأغمد سيفه، ونجا معاوية الذي أوشك أن يطلب الأمان من موت محقق، وخرج من مأزق ضاق به!! (1) وشاجر مالك الخوارج والأشعث، وكلمهم في حقيقة ما حصل، وأنبأهم، بما يملك من بصيرة وبعد نظر، أن جذر تقدسهم يكمن في تملصهم من المسؤولية، وشغفهم بالدنيا (2).
وحين اقترح الإمام (عليه السلام) عبد الله بن عباس للتحكيم ورفضه الخوارج والأشعث، اقترح مالكا، فرفضوه أيضا مصرين على يمانية الحكم، في حين كان مالك يماني المحتد، وهذا من عجائب الأمور! (3) وعاد مالك بعد صفين إلى مهمته (4). ولما اضطربت مصر على محمد بن أبي بكر وصعب عليه أمرها وتمرد أهلها، انتدب الإمام (عليه السلام) مالكا وولاه عليها (5).
وكان قد خبر كفاءته، ورفعته، واستماتته، ودأبه، ووعيه، وخبرته في العمل،