بنا النعمان بن بشير وهو في ألفين، وما نحن إلا مائة، فقال لنا: قاتلوهم في القرية واجعلوا الجدر في ظهوركم، ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة، واعلموا أن الله تعالى ينصر العشرة على المائة، والمائة على الألف، والقليل على الكثير مما يفعل الله ذلك.
ثم قال: إن أقرب من هاهنا إلينا من شيعة علي (عليه السلام) وأنصاره وعماله قرظة بن كعب ومخنف بن سليم، فاركض إليهما وأعلمهما حالنا، وقل لهما: فلينصرانا بما استطاعا.
فأقبلت أركض وقد تركته وأصحابه، وإنهم ليترامون بالنبل، فمررت بقرظة بن كعب فاستغثته، فقال: إنما أنا صاحب خراج وما معي أحد أغيثه به، فمضيت حتى أتيت مخنف بن سليم فأخبرته الخبر، فسرح معي عبد الرحمن بن مخنف في خمسين رجلا، وقاتلهم مالك بن كعب وأصحابه إلى العصر، فأتيناه وقد كسر هو وأصحابه جفون (1) سيوفهم واستسلموا للموت، فلو أبطأنا عنهم هلكوا، فما هو إلا أن رآنا أهل الشام قد أقبلنا عليهم أخذوا ينكصون عنهم ويرتفعون، ورآنا مالك وأصحابه فشدوا عليهم حتى دفعوهم عن القرية واستعرضناهم، فصرعنا منهم رجالا ثلاثة وارتفع القوم عنا، وظنوا أن وراءنا مددا، ولو ظنوا أنه ليس غيرنا لأقبلوا علينا وأهلكونا، وحال بيننا وبينهم الليل فانصرفوا إلى أرضهم.
وكتب مالك بن كعب إلى علي (عليه السلام): أما بعد، فقد نزل بنا النعمان بن بشير في جمع من أهل الشام كالظاهر علينا، وكان عظم أصحابي متفرقين، وكنا للذي كان منهم آمنين، فخرجنا إليهم رجالا مصلتين (2) فقاتلناهم حتى المساء،