في السنوات التالية؛ حيث ثار الناس على محمد بن أبي بكر، وآل الأمر إلى إلقاء القبض عليه وقتله وإحراق جسده.
فكان السؤال الذي يطرح نفسه: لماذا عزل الإمام (عليه السلام) السياسي الذكي، وعين محله هذا الشاب الناشئ، حتى انتهى به الحال إلى شهادته بهذا الشكل المفجع؟
تعزي النصوص التاريخية السبب إلى مؤامرة حاكها معاوية لتحقيق أهدافه الخبيثة؛ حيث قيل إنه كان يسعى إلى كسب قيس بأساليبه الخداعة، وأرسل إليه عدة رسائل حرضه فيها على الطلب بثأر عثمان، بيد أن قيسا كان أذكى من أن تنطلي عليه هكذا، بل احترز عن الإدلاء برأيه الصريح في موافقة معاوية أو مخالفته؛ وذلك لما تميزت به مصر من المحل الاستراتيجي من جهة، وطمع بني أمية ونفوذهم فيها، وقربها إلى الشام من جهة أخرى.
بيد أن معاوية - هذا السياسي الماكر المتأثر بمرافقة وإسناد عمرو بن العاص - ابتدع بمكره رسالة مزورة عن لسان قيس بن سعد مضمونها تأييد معاوية (1).
وذاع خبر هذه الرسالة في الشام، ووصل خبرها إلى الكوفة وإلى الإمام علي (عليه السلام)، فجمع الإمام (عليه السلام) أعوانه وشاورهم في هذا الموضوع، فكان رأيهم عزل قيس بن سعد وتعيين رجل أصلب منه؛ لانتشار خبر هذه الرسالة بين الجيش وبين عامة المسلمين. جاء في بعض النصوص الإشارة إلى اقتراح عبد الله بن جعفر بعزل قيس بن سعد وتعيين، محمد بن أبي بكر.
وقد حمل هذا الاقتراح على محبة عبد الله لأخيه محمد بن أبي بكر؛ حيث كانا أخوين لأم واحدة (2).