وحزن الإمام (عليه السلام) لمقتله، حتى عد موته من مصائب الدهر (1). وأبنه فكان تأبينه إياه فريدا؛ كما أن وجود مالك كان فريدا له في حياته (عليه السلام) (2).
ولما نعي إليه مالك وبلغه خبر استشهاده المؤلم، صعد المنبر وقال:
" ألا إن مالك بن الحارث قد قضى نحبه، وأوفى بعهده، ولقي ربه، فرحم الله مالكا! لو كان جبلا لكان فندا (3)، ولو كان حجرا لكان صلدا. لله مالك! وما مالك! وهل قامت النساء عن مثل مالك! وهل موجود كمالك! " (4).
ومعاوية الذي كان فريدا أيضا في خبث طويته ورذالته وضعته وقتله للفضيلة، طار فرحا باستشهاد مالك، ولم يستطع أن يخفي سروره، فقال من فرط فرحه:
كان لعلي بن أبي طالب يدان يمينان، فقطعت إحداهما يوم صفين - يعني عمار بن ياسر - وقطعت الأخرى اليوم، وهو مالك الأشتر (5).
وكلما كان يذكره الإمام (عليه السلام)، يثقل عليه الغم والحزن، ويتحسر على فقده.
وحين ضاق ذرعا من التحركات الجائرة لأهل الشام، وتألم لعدم سماع جنده كلامه، وتأوه على قعودهم وخذلانهم له في اجتثاث جذور الفتنة، قال رجل:
استبان فقد الأشتر على أهل العراق. لو كان حيا لقل اللغط، ولعلم كل امرئ