ومن المعلوم أن حصوله على ذلك التقدير غير متوقف على ذينك الجزء والشرط المشكوكين فيحصل إطاعة الأقل المسقطة للأمر به على تقدير كونه هو الواجب بالإتيان بنفسه من دون ضمه إلى الزائد المشكوك في اعتباره.
فان قلت: ما ذكرت من لزوم الإطاعة بمعنى الإتيان بالمكلف به على وجه يحصل غرض المولى ممنوع، لأنه على تقديره مأخوذ من العقلاء كما ذكرت، ومن المعلوم أنهم لا يبنون على أمر من باب التعبد الصرف فيما لم يمكن () من تعبدهم به - كما هو حالهم في باب الطاعة والمعصية في أوامرهم -، بل لا بد أن يكون مبنيا على حسن الشيء أو قبحه بأن يكون ترك الإطاعة بالمعنى المذكور قبيحا عقليا عندهم، بل مجرد التقبيح أيضا لا يكفي في استحقاق العبد العقاب من المولى، بل لا بد أن يكون هو على تقديره من جهة كون ترك الإطاعة بالمعنى المذكور تضييعا لحق المولى اللازم على العبد عقلا الوفاء به - كما مر في مسألة التجري - وقبح تركها بذلك المعنى ممنوع فضلا عن كونه تضييعا لحق المولى اللازم على العبد.
قلنا: لا ينبغي الارتياب في أن من حق المولى - على العبد - اللازم عليه إذا أمره بشيء إطاعة أمره بالمعنى المذكور بحيث يستحق العقاب منه إذا تركها بعد اشتغال ذمته بالأمر، وكفى به حجة تجويز العقلاء عقابه وذمهم العبد إذا لم يطعه كذلك بعد الاعتراف، فإن بنائهم على أمر لا بد أن يكون مبنيا على الحسن والقبح، فإن تجويزهم العقاب حينئذ كاشف قطعي عن كون الإطاعة بذلك المعنى حقا لازما على العبد.
نعم لا يلزم على العبد تحصيل غرضه إذا لم يثبت اشتغال ذمته بالفعل المحصل له إلا أن يكون نفس الغرض مأمورا به مبينة أو إجمالا () إذا لم يكن مرددا