بين الأقل والأكثر والكلام في المقام كما عرفت - على تقدير عدم كونه هو المأمور به، ولكنه يكون الواجب هو نفس الفعل دون تحصيل () الغرض إلا أنه يشترط في حصول الفراغ منه بعد اشتغال ذمة العبد به.
وقد ظهر مما حققنا إلى هنا عدم استقامة الدليل الذي ذكرناه أولا لنفي اعتبار معرفة الواجب تفصيلا، لما أشرنا إليه من أن كفاية الإتيان بالواجب بدونها في الأوامر العرفية إنما هي لأجل العلم بعدم توقف غرضهم في أوامرهم التعبدية على أزيد من الإتيان بمتعلقاتها بداعي الأمر، لا أن الحق اللازم على العبد في تلك الأوامر هو مجرد ذلك، بل اللازم عليه عندهم أيضا في كل أمر هو الإتيان بمتعلقه على وجه يقطع بحصول الغرض منه.
فتلخص مما حققنا أنه إذا شك في اعتبار شيء في حصول الغرض والأمر مع كون ذلك الشيء على تقدير اعتباره غير قابل لاعتباره في المأمور به مطلقا ومع تشخيص سائر الأمور المعتبرة في المأمور به يكون مقتضى الأصل هو لزوم الاحتياط بالإتيان بالمأمور به مشتملا على ذلك الشيء المشكوك في اعتباره تحصيلا للفراغ اليقيني من الأمر المعلوم المتعلق بأمر مبين، المقتضي للزوم الفراغ كذلك، فيجب الاحتياط في مسألة اعتبار معرفة الواجب تفصيلا بالإتيان بالواجب المشكوك اعتبارها فيه مع معرفته كذلك.
فإذا كان مقتضى الأصل في هذه المسألة هو اعتبار معرفة الواجب تفصيلا فهل إلى الخروج منه من سبيل؟ الذي يمكن الالتجاء إليه في ذلك أحد أمور على سبيل منع الخلو:
أحدها: دعوى جريان أصالة البراءة - في نفي اعتبار معرفة الواجب تفصيلا في الغرض - بدعوى وجود المناط لها في مقام الشك في أصل التكليف أو