متنعلا نعل رسول الله (صلى الله عليه وآله) متقلدا سيف رسول الله (صلى الله عليه وآله) فصعد المنبر فجلس (عليه السلام) عليه متمكنا، ثم شبك بين أصابعه فوضعها أسفل بطنه ثم قال:
يا معشر الناس سلوني قبل أن تفقدوني، هذا سفط (١) العلم، هذا لعاب رسول الله (صلى الله عليه وآله) هذا ما زقني رسول الله (صلى الله عليه وآله) زقا زقا. سلوني فإن عندي علم الأولين والآخرين، أما والله لو ثنيت لي الوسادة فجلست عليها؛ لأفتيت أهل التوراة بتوراتهم حتى تنطق التوراة فتقول: صدق علي ما كذب لقد أفتاكم بما أنزل الله في، وأفتيت أهل الإنجيل بإنجيلهم حتى ينطق الإنجيل فيقول: صدق على ما كذب لقد أفتاكم بما أنزل الله في، وأفتيت أهل القرآن بقرآنهم حتى ينطق القرآن فيقول: صدق على ما كذب لقد أفتاكم بما أنزل الله في. وأنتم تتلون القرآن ليلا ونهارا فهل فيكم أحد يعلم ما نزل فيه؟ ولولا آية في كتاب الله لأخبرتكم بما كان وبما يكون وبما هو كائن إلى يوم القيامة، وهي هذه الآية ﴿يمحوا الله ما يشآء ويثبت وعنده وأم الكتب﴾ (2).
ثم قال: سلوني قبل أن تفقدوني، فو الله الذي فلق الحبة وبرأ النسمة لو سألتموني عن آية آية في ليل انزلت أو في نهار انزلت، مكيها ومدنيها، سفريها وحضريها، ناسخها ومنسوخها، محكمها ومتشابهها، وتأويلها وتنزيلها لأخبرتكم.
فقام إليه رجل يقال له ذعلب وكان ذرب اللسان بليغا في الخطب شجاع القلب فقال: لقد ارتقى ابن أبي طالب مرقاة صعبة لأخجلنه اليوم لكم في مسألتي إياه فقال: يا أمير المؤمنين هل رأيت ربك؟