عما يراد بها، أو أترك سدى، أو أهمل عابثا، أو أجر حبل الضلالة، أو أعتسف طريق المتاهة!...
إليك عني يا دنيا، فحبلك على غاربك، قد انسللت من مخالبك، وأفلت من حبائلك، واجتنبت الذهاب في مداحضك، أين القرون الذين غررتهم بمداعبك!
أين الأمم الذين فتنتهم بزخارفك! فها هم رهائن القبور، ومضامين اللحود.
والله لو كنت شخصا مرئيا، وقالبا حسيا، لأقمت عليك حدود الله في عباد غررتهم بالأماني، وأمم ألقيتهم في المهاوي، وملوك أسلمتهم إلى التلف، وأوردتهم موارد البلاء، إذ لا ورد ولا صدر!
هيهات! من وطئ دحضك زلق، ومن ركب لججك غرق، ومن ازور عن حبائلك وفق، والسالم منك لا يبالي إن ضاق به مناخه، والدنيا عنده كيوم حان انسلاخه.
اعزبي عني! فوالله لا أذل لك فتستذليني، ولا أسلس لك فتقوديني. وأيم الله - يمينا استثني فيها بمشيئة الله - لأروضن نفسي رياضة تهش معها إلى القرص إذا قدرت عليه مطعوما، وتقنع بالملح مأدوما، ولأدعن مقلتي كعين ماء نضب معينها، مستفرغة دموعها.
أتمتلئ السائمة من رعيها فتبرك، وتشبع الربيضة من عشبها فتربض. ويأكل علي من زاده فيهجع؟! قرت إذا عينه إذا اقتدى - بعد السنين المتطاولة - بالبهيمة الهاملة، والسائمة المرعية.
طوبى لنفس أدت إلى ربها فرضها، وعركت (1) بجنبها بؤسها، وهجرت في