رجلا منا أهل البيت حتى شب عبد الله، فظفر به يوم الجمل، فأخذه أسيرا، فصفح عنه، وقال: اذهب، فلا أرينك. لم يزده على ذلك.
وظفر بسعيد بن العاص - بعد وقعة الجمل - بمكة - وكان له عدوا - فأعرض عنه، ولم يقل له شيئا.
وقد علمتم ما كان من عائشة في أمره، فلما ظفر بها أكرمها، وبعث معها إلى المدينة عشرين امرأة من نساء عبد القيس، عممهن بالعمائم، وقلدهن بالسيوف، فلما كانت ببعض الطريق ذكرته بما لا يجوز أن يذكر به، وتأففت، وقالت: هتك ستري برجاله وجنده الذين وكلهم بي. فلما وصلت المدينة ألقى النساء عمائمهن، وقلن لها: إنما نحن نسوة.
وحاربه أهل البصرة، وضربوا وجهه ووجوه أولاده بالسيوف، وشتموه، ولعنوه، فلما ظفر بهم رفع السيف عنهم، ونادى مناديه في أقطار العسكر: ألا لا يتبع مول، ولا يجهز على جريح، ولا يقتل مستأسر، ومن ألقى سلاحه فهو آمن، ومن تحيز إلى عسكر الإمام فهو آمن. ولم يأخذ أثقالهم، ولا سبى ذراريهم، ولا غنم شيئا من أموالهم، ولو شاء أن يفعل كل ذلك لفعل، ولكنه أبى إلا الصفح والعفو، وتقيل سنة رسول الله (صلى الله عليه وآله) يوم فتح مكة؛ فإنه عفا والأحقاد لم تبرد، والإساءة لم تنس (1).
راجع: القسم الخامس / السياسة الأمنية / الرفق ما لم يكن تأمرا.
القسم السادس / وقعة الجمل / بعد الظفر.
وقعة النهروان / مسير المارقين إلى النهروان، وصبر الإمام على أذاهم ورفقه بهم.
وقعة النهروان / القتال / سياسة الإمام في الجرحى والغنائم.