النكتة التي ينبغي الالتفات إليها في هذا المجال هي أن هذا العلم اللدني الذي تثبته الأدلة العقلية والنقلية، لا تخلف فيه ولا تغيير، ولا خطأ، ويسمى بعلم ما هو مكتوب في اللوح المحفوظ، والعلم بما له صلة بالقضايا الإلهية الحتمية.
وهذا المطلب يستلزم عدم وجود أي تكليف بمتعلق هذا العلم من حيث كونه حتمي الوقوع ولا يرتبط به قصد وطلب من الإنسان؛ وذلك أن التكليف يأتي عادة عن طريق الإمكان بالفعل، وعن طريق كون الفعل والترك كلاهما بيد المكلف يختار منهما ما يشاء. وأما ما كان ضروري الوقوع ومتعلقا بالقضاء الحتمي، فمن المحال أن يكون موضع تكليف.
فمن الممكن مثلا أن يأمر الله العبد بفعل أو ترك ما بيده فعله أو تركه. ولكن من المحال أن يأمره بفعل أو ترك ما قضت به الإرادة الإلهية ولا مجال فيه للأخذ والرد؛ لأن مثل هذا الأمر والنهي عبث ولغو.
وكذلك يتسنى للإنسان أن يعقد العزم على تحقيق عمل يحتمل فيه الإمكان وعدم الإمكان ويجعله نصب عينيه ويسعى من أجل تحقيقه، ولكنه لا يستطيع إطلاقا أن يقصد تحقيق أمر يقيني لا يخضع للتغيير والتخلف؛ لأن إرادة أو عدم إرادة الإنسان، وقصده وعدم قصده لا تأثير له في أمر واقع لا محالة، من جهة كونه واقعا. فتأمل.
يتضح من خلال هذا البيان:
1 - إن هذا العلم اللدني لدى الإمام (عليه السلام) لا تأثير له في أعماله ولا صلة له بتكاليفه الخاصة. وكل أمر مفروض من جهة تعلقه بقضاء الله الحتمي الوقوع، لا يكون موضوعا لأمر الإنسان أو نهيه أو قصده أو إرادته.
أجل إن متعلق القضاء الحتمي والمشيئة الإلهية القاطعة للحق تعالى هو الرضا