الخبر بعلمه بذلك، وكان شاهد الحال له يقضي به، غير أنه دفع به عن تعجيل قتله وتسليم أصحابه له إلى معاوية، وكان في ذلك لطف في بقائه إلى حال مضيه ولطف لبقاء كثير من شيعته وأهله وولده، ودفع فساد في الدين هو أعظم من الفساد الذي حصل عند هدنته، وكان (عليه السلام) أعلم بما صنع لما ذكرناه وبينا الوجوه فيه. انتهى كلامه.
أقول: وسأل السيد مهنا بن سنان العلامة الحلي عن مثل ذلك في أمير المؤمنين (عليه السلام) فأجاب بأنه يحتمل أن يكون (عليه السلام) أخبر بوقوع القتل في تلك الليلة، ولم يعلم في أي وقت من تلك الليلة أو أي مكان يقتل، وأن تكليفه (عليه السلام) مغاير لتكليفنا، فجاز أن يكون بذل مهجته الشريفة في ذات الله تعالى، كما يجب على المجاهد الثبات، وإن كان ثباته يفضي إلى القتل (1).
جواب العلامة الطباطبائي:
قال العلامة الطباطبائي في هذا المجال:
الإمام (عليه السلام) واقف بإذن الله على حقائق عالم الوجود كيفما كانت؛ سواء كانت محسوسة أم خارج دائرة الحس كالموجودات السماوية والحوادث الماضية ووقائع المستقبل. والدليل على هذا القول هو:
جاء في الروايات المتواترة المنقولة في الجوامع الحديثية الشيعية ككتاب الكافي، والبصائر، وكتب الصدوق، وكتاب بحار الأنوار وغيرها مما لا يحصى ولا يعد من الروايات بأن الإمام (عليه السلام) واقف بكل شيء لا عن طريق العلم الاكتسابي وإنما بطريق الموهبة الإلهية، وبإمكانه أن يعلم كل شيء بإذن الله من خلال أدنى توجه.