المنير، فهنيئا لك ما آتاك الله من فضل، وتبا لشانئك ذي الجهل. شهدت مع النبي (صلى الله عليه وآله) جميع حروبه ومغازيه، تحمل الراية أمامه، وتضرب بالسيف قدامه، ثم لحزمك المشهور، وبصيرتك بما في الأمور، أمرك في المواطن ولم يك عليك أمير، وكم من أمر صدك عن إمضاء عزمك فيه التقى، واتبع غيرك في نيله الهوى، فظن الجاهلون أنك عجزت عما إليه انتهى، ضل والله الظان لذلك وما اهتدى، ولقد أوضحت ما أشكل من ذلك لمن توهم وامترى، بقولك صلى الله عليك: قد يرى الحول القلب وجه الحيلة ودونها حاجز من تقوى الله، فيدعها رأي العين، وينتهز فرصتها من لا جريحة (١) له في الدين. صدقت وخسر المبطلون.
وإذ ما كرك الناكثان فقالا: نريد العمرة. فقلت لهما: لعمركما ما تريدان (٢) العمرة لكن الغدرة، وأخذت البيعة عليهما، وجددت الميثاق فجدا في النفاق، فلما نبهتهما على فعلهما أغفلا وعادا وما انتفعا، وكان عاقبة أمرهما خسرا.
ثم تلاهما أهل الشام فسرت إليهم بعد الإعذار وهم لا يدينون دين الحق ولا يتدبرون القرآن، همج رعاع (٣) ضالون، وبالذي أنزل على محمد فيك كافرون، ولأهل الخلاف عليك ناصرون، وقد أمر الله تعالى باتباعك وندب المؤمنين إلى نصرك، قال الله تعالى: ﴿يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين﴾ (4).