ابن سلام وأسد وأسيد وثعلبة - لما أمرهم النبى (صلى الله عليه وآله) أن يقطعوا مودة اليهود والنصارى فعلوا ذلك. فقال بنو قريضة والنضير: فما لنا نواد أهل دين محمد وقد تبرؤوا من ديننا ومودتنا!! فوالذي يحلف به لا يكلم رجل منا رجلا دخل في دين محمد، ولا نناكحهم، ولا نبايعهم، ولا نجالسهم، ولا ندخل عليهم، ولا نأذن لهم في بيوتنا، ففعلوا.
فبلغ ذلك عبد الله بن سلام وأصحابه، فأتوا رسول الله (صلى الله عليه وآله) عند الظهر، فدخلوا عليه، فقالوا: يا رسول الله، إن بيوتنا قاصية من المسجد فلا نجد متحدثا دون هذا المسجد، وإن قومنا لما رأونا قد صدقنا الله ورسوله وتركناهم ودينهم أظهروا لنا العداوة؛ فأقسموا أن لا يناكحونا، ولا يواكلونا، ولا يشاربونا، ولا يجالسونا، ولا يدخلوا علينا، ولا ندخل عليهم، ولا يخالطونا بشيء، ولا يكلمونا؛ فشق ذلك علينا، ولا نستطيع أن نجالس أصحابك، لبعد المنازل!
فبينما هم يشكون لرسول الله (صلى الله عليه وآله) أمرهم إذ نزلت هذه الآية: (إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلوة ويؤتون الزكوة وهم ركعون) فقرأها عليهم رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فقالوا: قد رضينا بالله ورسوله وبالمؤمنين وليا.
وأذن بلال، فخرج رسول الله (صلى الله عليه وآله) والناس في المسجد يصلون؛ من بين قائم في الصلاة، وراكع، وساجد، فإذا هو بمسكين يطوف ويسأل الناس، فدعاه رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فقال: هل أعطاك أحد شيئا؟ قال: نعم. قال: ماذا أعطاك؟ قال:
خاتم فضة. قال: من أعطاكه؟! قال: ذاك الرجل القائم. فنظر رسول الله (صلى الله عليه وآله) فإذا هو علي بن أبي طالب. فقال: على أي حال أعطاكه؟! قال: أعطانيه وهو راكع.
فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): (إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلوة ويؤتون الزكوة وهم ركعون * ومن يتول الله ورسوله) إلى آخر الآية (1).