بالنبل، فلم يلبثوا أن عقروا كل خيولهم فصاروا رجالة، ولما قتل مسلم بن عوسجة قال شبث بن ربعي لمن حوله: " ثكلتكم أمهاتكم أبقتل مثل مسلم تفرحون!! رأيته يوم أذربيجان وقد قتل ستة من المشركين قبل أن تنام خيول المسلمين "! قال أبو زهير العبسي لقد سمعته يقول: " لا يعطي الله أهل هذا المصر خيرا أبدا، ولا يسددهم لرشد، ألا تعجبون أنا قاتلنا مع علي بن أبي طالب ومع ابنه من بعده آل أبي سفيان خمس سنين، ثم عدونا على ابنه وهو خير أهل الأرض نقاتله مع آل معاوية وابن سمية الزانية، ضلال يا لك من ضلال "!!.
وقال عمر بن الحجاج لأصحابه: " قاتلوا من مرق عن الدين!! وفارق الجماعة " فصاح به الإمام الحسين: " ويحك يا حجاج أعلي تحرض الناس، أنحن مرقنا من الدين!! وأنتم تقيمون عليه ستعلمون إذا فارقت أرواحنا أجسادنا من أولى بها صليا " (1) وحمل عمرو بن الحجاج، واقتتل الفريقان، وقتل مسلم بن عوسجة، فمشى إليه الإمام الحسين ومعه حبيب بن مظاهر، فقال له الإمام " رحمك الله يا مسلم " * (فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا) * [الأحزاب / 23] (2) وقال له حبيب بن مظاهر: عز علي مصرعك يا مسلم، أبشر بالجنة، فقال بصوت خافت: بشرك الله بخير، قال حبيب: لو لم أعلم أني في الأثر لأحببت أن توصي إلي بما أهمك، فقال مسلم: أوصيك بهذا، وأشار إلى الحسين أن تموت دونه، فقال زهير: أفعل ورب الكعبة، ثم فاضت روحه الطاهرة.
وبالوقت الذي هجمت فيه ميمنة جيش الخلافة على ميمنة أصحاب الإمام الحسين، هجمت فيه ميسرة ذلك الجيش بقيادة شمر بن ذي الجوشن على ميسرة أصحاب الإمام، وثبتت ميسرة الإمام الحسين ثباتا بطوليا خارقا وقاتل عبد الله بن عمير الكلبي قتالا رهيبا فقتل تسعة عشر فارسا، واثني عشر راجلا، فشد عليه هاني بن ثبيت الحضرمي فقطع يده اليمنى، وقطع بكر بن حي ساقه، فأخذه