شهامة عمر بن سعد وجيش الخلافة:
لأن عمر بن سعد هو القائد الميداني لجيش الخليفة، وهو رمز أخلاقيات وعقائد ذلك الجيش، فقد تأثر عندما سمع بكاء بنات النبي واستغاثتهن وعندما شاهدهن واقفات باكيات أمام أبنية الحسين وخيمه، ولما شاهد أن جيشه الجرار البطل لا يقوى على قتال الإمام وأصحابه إلا من جهة واحدة لأن هذه الأبنية والخيام متماسكة ومتداخل بعضها في بعض وتعيق حركة جيش الخلافة، ولأن عمر بن سعد يريد أن يحسم الحرب سريعا لصالحه، لكل هذه الأسباب أرسل عمر بن سعد رجالا وكلفهم بتقويض تلك الأبنية والخيام، وتشجيعا لرجاله الأشاوس أباح لهم أن ينهبوا ما في تلك الأبنية والخيام، ووصل رجال جيش الخليفة المكلفين بمهمة تقويض الأبنية والخيام، واكتشف الإمام وأصحابه ذلك، فأخذ الثلاثة والأربعة من أصحاب الإمام الحسين يتخللون البيوت كما قال الطبري فيشدون على الرجل وهو يقوض وينهب فيقتلونه ويرمونه من قريب، وهكذا أفشلوا إحدى المشاريع الإجرامية لعمر بن سعد بن أبي وقاص.
لما اكتشف عمر بن سعد بن أبي وقاص ما حل برجاله الذين أرسلهم لتقويض خيام الإمام وأبنيته جن جنونه، وفقد صوابه فقال: " أحرقوا بالنار ولا تدخلوا بيتا ولا تقوضوه، فجاءوا بالنار، وأخذوا يحرقون الخيام والأبنية، فقال الإمام لأصحابه: دعوهم فليحرقوها فإنهم لو قد حرقوها لم يستطيعوا أن يجوزوها إليكم.
وحمل شمر بن ذي الجوشن حتى طعن فسطاط الحسين برمحه ونادى:
علي بالنار حتى أحرق هذا البيت على أهله، فصاحت النساء وخرجن من الفسطاط، وصاح الحسين: يا ابن ذي الجوشن أنت تدعو بالنار لتحرق بيتي على أهلي، حرقك الله بالنار.
وروى الطبري، عن حميد بن مسلم، قال قلت لشمر بن ذي الجوشن:
" سبحان الله هذا لا يصلح لك، أتريد أن تجمع على نفسك خصلتين تعذب بعذاب