وتقبل منك يا حمار (1) وفي رواية للطبري، قال أبو مخنف: فأذن الحسين بنفسه، فلما فرغ من الأذان نادى: " يا ويلك يا عمر بن سعد أنسيت شرائع الإسلام، ألا تقف عن الحرب حتى نصلي وتصلون ونعود إلى الحرب؟ " فلم يجبه، فنادى الحسين: " استحوذ عليهم الشيطان " (2).
وأمام رفض جيش الخلافة التوقف عن القتال ولأداء الصلاة قيل: " إنه صلى فيهم صلاة الخوف " (3).
ولما فرغ الإمام من الصلاة حرض أصحابه على القتال فقال: " يا أصحابي إن هذه الجنة قد فتحت أبوابها، واتصلت أنهارها، وأينعت ثمارها، وزينت قصورها، وتألقت ولدانها، وحورها وهذا رسول الله والشهداء الذين قتلوا معه أبي وأمي يتوقعون قدومكم، ويتباشرون بكم، وهم مشتاقون إليكم، فحاموا عن دين الله، وذبوا عن حرم رسول الله.
وصاح الإمام بأهله ونسائه، فخرجن مهتكات الجيوب، وصحن: يا معشر المسلمين، يا عصبة المؤمنين الله، الله، حاموا عن دين الله، وذبوا عن حرم رسول الله، وعن إمامكم، وابن بنت نبيكم، فقد امتحنكم الله بنا، فأنتم جيراننا في جوار جدنا، والكرام علينا، والله فرض مودتنا، فدافعوا بارك الله فيكم عنا.
وصاح الحسين: يا أمة القرآن هذه الجنة فاطلبوها، وهذه النار فاهربوا منها، وسمع الجميع صياح النساء، ولم يرمش لأحد من جيش الخلافة رمش، لأن قلوبهم غلف بل على العكس استبشروا " بالنصر " على ابن بنت محمد، وآل محمد، وأما أصحاب الإمام فأجابوا: لبيك يا حسين، لبيك يا ابن رسول الله، وضجوا بالبكاء والنحيب (4).