ولأي وظيفة من وظائفها إلا إذا كان مواليا للخليفة وأركان دولته، ومعاديا لأعداء الخليفة وأعداء دولته، ومع أن عصر الخلفاء الثلاثة الأول عصر ذهبي وراشد إذا ما قيس بعصور الخلفاء الذين جاءوا من بعد الأربعة، ومع هذا لم يصدف أن استعمل أي خليفة منهم رجلا واحدا مواليا لأهل بيت النبوة أو كارها للخلفاء الثلاثة إلا شخصا واحدا استعملاه للدعاية!! ولما آلت مقاليد الحكم والخلافة إلى معاوية أعلن وبكل صراحة وخطيا بسلسلة من مراسيمه الملكية بأنه لا عطاء ولا مكان بدولته لأي إنسان لا يواليه ولا يطيعه، ولا عطاء ولا مكان بدولته لأي إنسان يحب علي بن أبي طالب وأهل البيت ومن ثبتت موالاته لعلي وأهل بيت النبوة فيتوجب على ولاة معاوية أن ينكلوا به ويهدموا داره (1) وإذا جهر مواطن من رعايا دولة الخلافة بهذا الحب، وامتنع عن مسبة علي بن أبي طالب، فإن عقوبته حسب قوانين دولة خلافة البطون هي الموت صبرا، وما فعله معاوية بالصحابي الجليل حجر بن عدي وأصحابه المخبتين الصالحين دليل قاطع على ذلك، فقد قتلهم صبرا بتهمة رفضهم الشتم ولعن عدو الخليفة علي بن أبي طالب، ولا مانع لدى الخليفة من نهب أموال الذين لا يوالونه، وقتل أطفالهم كما فعل بسر بن أرطأة، ولم تكتف دولة الخلافة بذلك بل فرضت على رعاياه أن يعلنوا رضاهم بكل ما يفعله الخليفة وأركان دولته وأن يعرفوا بأنه لا حق لهم بالاعتراض على فعل من أفعال الخليفة، وجاءت وسائل إعلام هذه الدولة، ومن سار في ركابها من علماء السوء فألقوا بروع الناس أن محبة الخليفة وطاعته، وعدم معصيته، وعدم الخروج عليه، والقبول بأعماله كلها واجبات دينية مفروضة على كل ذكر وأنثى من رعايا دولة الخلافة!!! وأن الخليفة ليس مسؤولا أمام أحد، فبإمكانه أن يظلم، وأن يعطل الحدود، ويضيع الحقوق، ويغصب الأموال، ويضرب الأبشار، ومع هذا تبقى طاعته فرضا مقضيا على كل فرد من أفراد الرعية، ولا يجوز الخروج عليه، والخروج عليه حرام بإجماع علماء دولة الخلافة (2)، ثم إنه لا علاقة لأحد من
(٢٠١)