كربلاء ، الثورة والمأساة - أحمد حسين يعقوب - الصفحة ٢٠١
ولأي وظيفة من وظائفها إلا إذا كان مواليا للخليفة وأركان دولته، ومعاديا لأعداء الخليفة وأعداء دولته، ومع أن عصر الخلفاء الثلاثة الأول عصر ذهبي وراشد إذا ما قيس بعصور الخلفاء الذين جاءوا من بعد الأربعة، ومع هذا لم يصدف أن استعمل أي خليفة منهم رجلا واحدا مواليا لأهل بيت النبوة أو كارها للخلفاء الثلاثة إلا شخصا واحدا استعملاه للدعاية!! ولما آلت مقاليد الحكم والخلافة إلى معاوية أعلن وبكل صراحة وخطيا بسلسلة من مراسيمه الملكية بأنه لا عطاء ولا مكان بدولته لأي إنسان لا يواليه ولا يطيعه، ولا عطاء ولا مكان بدولته لأي إنسان يحب علي بن أبي طالب وأهل البيت ومن ثبتت موالاته لعلي وأهل بيت النبوة فيتوجب على ولاة معاوية أن ينكلوا به ويهدموا داره (1) وإذا جهر مواطن من رعايا دولة الخلافة بهذا الحب، وامتنع عن مسبة علي بن أبي طالب، فإن عقوبته حسب قوانين دولة خلافة البطون هي الموت صبرا، وما فعله معاوية بالصحابي الجليل حجر بن عدي وأصحابه المخبتين الصالحين دليل قاطع على ذلك، فقد قتلهم صبرا بتهمة رفضهم الشتم ولعن عدو الخليفة علي بن أبي طالب، ولا مانع لدى الخليفة من نهب أموال الذين لا يوالونه، وقتل أطفالهم كما فعل بسر بن أرطأة، ولم تكتف دولة الخلافة بذلك بل فرضت على رعاياه أن يعلنوا رضاهم بكل ما يفعله الخليفة وأركان دولته وأن يعرفوا بأنه لا حق لهم بالاعتراض على فعل من أفعال الخليفة، وجاءت وسائل إعلام هذه الدولة، ومن سار في ركابها من علماء السوء فألقوا بروع الناس أن محبة الخليفة وطاعته، وعدم معصيته، وعدم الخروج عليه، والقبول بأعماله كلها واجبات دينية مفروضة على كل ذكر وأنثى من رعايا دولة الخلافة!!! وأن الخليفة ليس مسؤولا أمام أحد، فبإمكانه أن يظلم، وأن يعطل الحدود، ويضيع الحقوق، ويغصب الأموال، ويضرب الأبشار، ومع هذا تبقى طاعته فرضا مقضيا على كل فرد من أفراد الرعية، ولا يجوز الخروج عليه، والخروج عليه حرام بإجماع علماء دولة الخلافة (2)، ثم إنه لا علاقة لأحد من

(١) راجع شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد نقلا عن المدائني في كتابه الأحداث ج ٣ ص ٥٩٥ تحقيق حسن تميم.
(٢) راجع صحيح مسلم ج ٦ ص ٢٠ - 22 باب " الأمر بلزوم الجماعة " و ج 12 ص 229 بشرح النووي وسنن البيهقي ج 8 ص 158 - 159، وكتاب التمهيد لأبي بكر الباقلاني باب " ما يوجب خلع الإمام " طبعة القاهرة 1366.
(٢٠١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 196 197 198 199 200 201 202 203 204 205 206 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كلمة المركز 5
2 المقدمة 7
3 الباب الأول: الفئتان المتواجهتان في كربلاء 11
4 الفصل الأول: قائدا الفئتين 13
5 الفصل الثاني: أركان قيادة الفئتين 27
6 الفصل الثالث: عدد الفئتين 37
7 الفصل الرابع: المواقف والأهداف النهائية لقيادتي الفئتين 45
8 الباب الثاني: دور الأمة الإسلامية في مذبحة كربلاء 53
9 الفصل الأول: حالة الأمة وقت خروج الحسين عليه السلام وموقفها منه 55
10 الفصل الثاني: الموقف النهائي لأكثرية الأمة الإسلامية من مذبحة كربلاء 67
11 الفصل الثالث: الأقلية التي وقفت مع الامام الحسين عليه السلام أو تعاطفت معه 99
12 الفصل الرابع: أخباره السماء عن مذبحة كربلا 121
13 الباب الثالث: بواعث رحلة الشهادة ومحاطتها الأولى 141
14 الفصل الأول: التناقض الصارخ بين الواقع والشرعية 143
15 الفصل الثاني: اقتراحات المشفقين 167
16 الفصل الثالث: الإمام الحسين عليه السلام يشخص أمراض الأمة المزمنة 187
17 الفصل الرابع: رحلة الإمام الحسين عليه السلام للشهادة في سبيل الله 211
18 الفصل الخامس: محطات رحلة الشهادة من مكة إلى كربلاء 237
19 الباب الرابع: استعدادات الخليفة وأركان دولته لمواجهة الإمام 263
20 الفصل الأول: المواجهة 265
21 الفصل الثاني: خطط الخليفة وعبيد الله بن زياد لقتل الإمام الحسين وإبادة أهل بيت النبوة عليهم السلام 273
22 الفصل الثالث: الإمام يقيم الحجة على جيش الخلافة 281
23 الفصل الرابع: الإمام يأذن لأصحابه بالانصراف وتركه وحيدا 295
24 الفصل الخامس: الاستعدادات النهائية واتخاذ المواقع القتالية 301
25 الفصل السادس: مصرع الحسين وأهل بيته عليهم السلام 327