كربلاء ، الثورة والمأساة - أحمد حسين يعقوب - الصفحة ١٩٩
من عاقبة السوء، أما رعايا دولة الخلافة، فلا تكاد تحس أن فيهم رجلا واحدا يكتم إيمانه، وإن وجد مثل هذا الرجل، فهو مصاب بالخرس فلا ينطق، وأعمى فلا يرى، ويداه مقطوعتان فلا يقوى حتى على الإشارة كما يفعل!!!.
لقد نجح الخلفاء بإذلال المسلمين إذلالا تاما، وفي مناخ الذل أدمن المسلمون بالحياة مع الذل، وتعودوا عليها فيمكن للخليفة أن يهدم الكعبة وقد هدمها بالفعل مرتين، ويمكن أن يدوس أقدس المقدسات، وأن يقتل حتى أهل بيت النبوة ولا يجرؤ أحد من الناس أن يقول له كلمة " أف "، لأنه لا عطاء ولا رزق ولا مكان في دولة الخلافة لمن يقول للخليفة أو لأركان دولته: لا!!! لقد سيطرت دولة الخلافة على وسائل الإعلام، ووضعت مناهج التربية والتعليم التي تخدم غاياتها، وفرضت تلك المناهج على الرعية، وشكلت الفهم العام عن الإسلام، ثم فرضت كل ذلك على المسلمين بقوتها ونفوذها وعبر إعلامها ومناهجها التربوية والتعليمية، وبتعبير أدق فإن الغاية عند دولة الخلافة تبرر الوسيلة، فأي وسيلة تخدم الخليفة ودولته وتساعده على الاحتفاظ بملكه وما في يديه مباحة بغض النظر عن شرعيتها أو عدم شرعيتها!! ولقد عمل الخليفة جاهدا على تجهيل رعيته بالاسلام الحقيقي، وحرص كل الحرص على أن لا يفهموا من الإسلام الحنيف إلا قشوره، وقدمت وسائل إعلام دولة الخلافة الرجال الذين وقفوا مع النبي وأقاموا الدولة والأمة على أكتافهم بصورة أعداء الله، وقدمت تلك الوسائل أولئك الأشرار الذين حاربوا النبي، وجمعوا عليه الجموع وألبوا العرب عليه بصورة الملائكة الأخيار!!
لقد قلبت دولة الخلافة الدين والتاريخ والجغرافيا رأسا على عقب مع سبق الترصد والإصرار، وجهلت الرعية تجهيلا كاملا، وسخرت كل موارد الدولة وطاقاتها وإعلامها لفرض مفاهيمها المعكوسة عن الإسلام، وجعل تلك المفاهيم مقدسة، ومن المسلمات، التي لا داعي لإعمال العقل فيها!!.
قدر لا مفر منه:
قاد الخلفاء الدين والأمة والدولة إلى نفق مظلم، إذا أخرجت يدك منه لم
(١٩٩)
مفاتيح البحث: القتل (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 194 195 196 197 198 199 200 201 202 203 204 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كلمة المركز 5
2 المقدمة 7
3 الباب الأول: الفئتان المتواجهتان في كربلاء 11
4 الفصل الأول: قائدا الفئتين 13
5 الفصل الثاني: أركان قيادة الفئتين 27
6 الفصل الثالث: عدد الفئتين 37
7 الفصل الرابع: المواقف والأهداف النهائية لقيادتي الفئتين 45
8 الباب الثاني: دور الأمة الإسلامية في مذبحة كربلاء 53
9 الفصل الأول: حالة الأمة وقت خروج الحسين عليه السلام وموقفها منه 55
10 الفصل الثاني: الموقف النهائي لأكثرية الأمة الإسلامية من مذبحة كربلاء 67
11 الفصل الثالث: الأقلية التي وقفت مع الامام الحسين عليه السلام أو تعاطفت معه 99
12 الفصل الرابع: أخباره السماء عن مذبحة كربلا 121
13 الباب الثالث: بواعث رحلة الشهادة ومحاطتها الأولى 141
14 الفصل الأول: التناقض الصارخ بين الواقع والشرعية 143
15 الفصل الثاني: اقتراحات المشفقين 167
16 الفصل الثالث: الإمام الحسين عليه السلام يشخص أمراض الأمة المزمنة 187
17 الفصل الرابع: رحلة الإمام الحسين عليه السلام للشهادة في سبيل الله 211
18 الفصل الخامس: محطات رحلة الشهادة من مكة إلى كربلاء 237
19 الباب الرابع: استعدادات الخليفة وأركان دولته لمواجهة الإمام 263
20 الفصل الأول: المواجهة 265
21 الفصل الثاني: خطط الخليفة وعبيد الله بن زياد لقتل الإمام الحسين وإبادة أهل بيت النبوة عليهم السلام 273
22 الفصل الثالث: الإمام يقيم الحجة على جيش الخلافة 281
23 الفصل الرابع: الإمام يأذن لأصحابه بالانصراف وتركه وحيدا 295
24 الفصل الخامس: الاستعدادات النهائية واتخاذ المواقع القتالية 301
25 الفصل السادس: مصرع الحسين وأهل بيته عليهم السلام 327