كربلاء ، الثورة والمأساة - أحمد حسين يعقوب - الصفحة ٢٠٠
تكد تراها، لقد خلط خلفاء البطون كل الأوراق خلطا عجيبا، فخلطوا الإسلام مع الشرك، والإمامة الشرعية مع الملك، والظلم مع العدل، والحق مع الباطل، والذل مع العز، والطاعة مع المعصية، وفرضوا على المسلمين بالقهر والقوة، أن يتناولوا هذه المتناقضات معا، وخيروهم بين تناولها والحياة، أو بين رفضها والموت، فاختار المسلمون الحياة مع تناول هذه المتناقضات، لقد غير الخلفاء مكان كل شئ ووضعوه في غير موقعه، لقد استدعت الضرورة إلى انتفاضة أو ثورة من نوع خاص لتنقذ ما تبقى من الإسلام، ولتوقظ المسلمين من سباتهم العميق، وترفع الخلط الذي أوجده الخلفاء، وتفتح أمام الأمة أبواب التحرر، والأمل، والخلاص من الذل.
الدواعي الملحة لانتفاضة الإمام الحسين وثورته:
رأينا أن بطون قريش ال‍ 23 التي قاومت النبي وحاربته 23 عاما بقيادة أبي سفيان وولديه: يزيد ومعاوية حتى اضطرها الرسول للاستسلام وأعلنت يوم استسلامها إسلامها مكرهة، رأيناها قد تمكنت من إلغاء الترتيبات الإلهية المتعلقة بمنصب الإمامة أو الخلافة من بعد النبي، وأنها قد تمكنت من الاستيلاء على هذا المنصب بالقوة والقهر، فصارت الخلافة الشرعية ملكا لمن غلب، أو لمن يعهد إليه ذلك الغالب وعموما فإن الخليفة الغالب، كان غير مؤهل للقيادة، فهو طليق أو ابن طليق أو ألعوبة بيد الطلقاء، الذين لا يعرفون من الدين إلا اسمه أو قشوره.
وباستيلاء بطون قريش ال‍ 23 على منصب الخلافة استولت تبعيا على موارد الدولة وسلطاتها وطاقاتها ونفوذها، وحازت كل شئ حيازة تامة، وسخرت كل موارد الدولة للمحافظة على هذا الملك الذي غصبته، وتوسيع رقعته، وحرمان أهل بيت النبوة ومن والاهم من الصحابة المخلصين من هذا الملك ومن منافعه، أو من المشاركة بحجة أن النبي من بني هاشم وقد أخذ الهاشميون النبوة وهي تكفيهم فتكون الخلافة حقا خالصا للبطون وتشترك مع أوليائها في منافع الدولة وامتيازاتها على سبيل التفرد والاختصاص!! وفي البداية أعلنت دولة الخلافة ضمنيا، إنها لن تعطي لأي مسلم أي حق من حقوقه ولن تستعمله لعملها
(٢٠٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 195 196 197 198 199 200 201 202 203 204 205 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كلمة المركز 5
2 المقدمة 7
3 الباب الأول: الفئتان المتواجهتان في كربلاء 11
4 الفصل الأول: قائدا الفئتين 13
5 الفصل الثاني: أركان قيادة الفئتين 27
6 الفصل الثالث: عدد الفئتين 37
7 الفصل الرابع: المواقف والأهداف النهائية لقيادتي الفئتين 45
8 الباب الثاني: دور الأمة الإسلامية في مذبحة كربلاء 53
9 الفصل الأول: حالة الأمة وقت خروج الحسين عليه السلام وموقفها منه 55
10 الفصل الثاني: الموقف النهائي لأكثرية الأمة الإسلامية من مذبحة كربلاء 67
11 الفصل الثالث: الأقلية التي وقفت مع الامام الحسين عليه السلام أو تعاطفت معه 99
12 الفصل الرابع: أخباره السماء عن مذبحة كربلا 121
13 الباب الثالث: بواعث رحلة الشهادة ومحاطتها الأولى 141
14 الفصل الأول: التناقض الصارخ بين الواقع والشرعية 143
15 الفصل الثاني: اقتراحات المشفقين 167
16 الفصل الثالث: الإمام الحسين عليه السلام يشخص أمراض الأمة المزمنة 187
17 الفصل الرابع: رحلة الإمام الحسين عليه السلام للشهادة في سبيل الله 211
18 الفصل الخامس: محطات رحلة الشهادة من مكة إلى كربلاء 237
19 الباب الرابع: استعدادات الخليفة وأركان دولته لمواجهة الإمام 263
20 الفصل الأول: المواجهة 265
21 الفصل الثاني: خطط الخليفة وعبيد الله بن زياد لقتل الإمام الحسين وإبادة أهل بيت النبوة عليهم السلام 273
22 الفصل الثالث: الإمام يقيم الحجة على جيش الخلافة 281
23 الفصل الرابع: الإمام يأذن لأصحابه بالانصراف وتركه وحيدا 295
24 الفصل الخامس: الاستعدادات النهائية واتخاذ المواقع القتالية 301
25 الفصل السادس: مصرع الحسين وأهل بيته عليهم السلام 327