تكد تراها، لقد خلط خلفاء البطون كل الأوراق خلطا عجيبا، فخلطوا الإسلام مع الشرك، والإمامة الشرعية مع الملك، والظلم مع العدل، والحق مع الباطل، والذل مع العز، والطاعة مع المعصية، وفرضوا على المسلمين بالقهر والقوة، أن يتناولوا هذه المتناقضات معا، وخيروهم بين تناولها والحياة، أو بين رفضها والموت، فاختار المسلمون الحياة مع تناول هذه المتناقضات، لقد غير الخلفاء مكان كل شئ ووضعوه في غير موقعه، لقد استدعت الضرورة إلى انتفاضة أو ثورة من نوع خاص لتنقذ ما تبقى من الإسلام، ولتوقظ المسلمين من سباتهم العميق، وترفع الخلط الذي أوجده الخلفاء، وتفتح أمام الأمة أبواب التحرر، والأمل، والخلاص من الذل.
الدواعي الملحة لانتفاضة الإمام الحسين وثورته:
رأينا أن بطون قريش ال 23 التي قاومت النبي وحاربته 23 عاما بقيادة أبي سفيان وولديه: يزيد ومعاوية حتى اضطرها الرسول للاستسلام وأعلنت يوم استسلامها إسلامها مكرهة، رأيناها قد تمكنت من إلغاء الترتيبات الإلهية المتعلقة بمنصب الإمامة أو الخلافة من بعد النبي، وأنها قد تمكنت من الاستيلاء على هذا المنصب بالقوة والقهر، فصارت الخلافة الشرعية ملكا لمن غلب، أو لمن يعهد إليه ذلك الغالب وعموما فإن الخليفة الغالب، كان غير مؤهل للقيادة، فهو طليق أو ابن طليق أو ألعوبة بيد الطلقاء، الذين لا يعرفون من الدين إلا اسمه أو قشوره.
وباستيلاء بطون قريش ال 23 على منصب الخلافة استولت تبعيا على موارد الدولة وسلطاتها وطاقاتها ونفوذها، وحازت كل شئ حيازة تامة، وسخرت كل موارد الدولة للمحافظة على هذا الملك الذي غصبته، وتوسيع رقعته، وحرمان أهل بيت النبوة ومن والاهم من الصحابة المخلصين من هذا الملك ومن منافعه، أو من المشاركة بحجة أن النبي من بني هاشم وقد أخذ الهاشميون النبوة وهي تكفيهم فتكون الخلافة حقا خالصا للبطون وتشترك مع أوليائها في منافع الدولة وامتيازاتها على سبيل التفرد والاختصاص!! وفي البداية أعلنت دولة الخلافة ضمنيا، إنها لن تعطي لأي مسلم أي حق من حقوقه ولن تستعمله لعملها