الرعية بالمسلك الشخصي للخليفة، فإن كان الخليفة فاسقا فتجب طاعته، ولا علاقة لأحد بفسقه (1). لقد خلق الخليفة الغالب ليطاع، وليحكم، وخلقت الرعية لتطيعه وتقبل بحكمه إن أرادت السلامة في الدنيا والجنة في الآخرة!! وإذا رفض فرد من أفراد الرعية ذلك، فلا عطاء له ولا رزق، ولا مكان له في دولة الخلافة ولا في المجتمع " الإسلامي " ويتولى الخليفة وأركان دولته قتله بتهمة شق عصا الطاعة ومفارقة الجماعة، ويوم القيامة يدخل النار جزاء وفاقا لمعصيته لخليفة البطون. وأمام هذه الآلية المحكمة من إرهاب الدولة اقتصر دور الرعية على الطاعة والقبول بأفعال الخليفة مهما كانت، نحن أمام نظام يرفع شعار الدين، ويقوم بعمل المجرمين، نحن أمام نظام الفراعنة، ولكنه يلبس لباس الدين، نظام يديره أولئك الذين حاربوا رسول الله ودينه بكل وسائل الحرب، حتى أحيط بهم، فاستسلموا وتظاهروا بالإسلام، وبعد موت النبي استولوا على منصب الخلافة بالقوة والغصب، وحكموا الأمة باسم الإسلام الذي لا يعرفونه، وهم كانوا بالأمس من أشد أعدائه، فكمموا الأفواه، وصادروا الحريات، وغصبوا الحقوق والأموال، وقتلوا النفوس المحرمة، وأذلوا عباد الله، وزيفوا الدين، وحرفوه، وسخروه مطية لمطامعهم وأهوائهم، وعاثوا في الأرض فسادا على سنة من آل فرعون، فذلت الأمة واستذلت أكثريتها، واختارت الحياة مع الذل والعافية على الموت، وكانت الأمم الكافرة تتفرج عليها وهي تتآكل من الداخل، وتتعجب كيف تمكن الخلفاء من قلب كل شئ هذا الانقلاب المريع؟!.
لقد أدرك الإمام الحسين بوصفه الإمام الشرعي، وبوصفه الوارث الوحيد للنبي أن الأمة تعيش أخطر مراحل حياتها، وأنه لا بد للإسلام من منقذ ولا غنى للأمة عمن يوقظها من سباتها العميق، وإن تركت الأمة على ما هي عليه، فقد تعتقد الأمم الأخرى أن الإسلام في حقيقته ما هو إلا الإسلام الذي تمارسه دولة الخلافة، والنظم التي تتبناها دولة الخلافة وإن كانت إسلامية في ظاهرها، لكن لا