كربلاء ، الثورة والمأساة - أحمد حسين يعقوب - الصفحة ٢٠٢
الرعية بالمسلك الشخصي للخليفة، فإن كان الخليفة فاسقا فتجب طاعته، ولا علاقة لأحد بفسقه (1). لقد خلق الخليفة الغالب ليطاع، وليحكم، وخلقت الرعية لتطيعه وتقبل بحكمه إن أرادت السلامة في الدنيا والجنة في الآخرة!! وإذا رفض فرد من أفراد الرعية ذلك، فلا عطاء له ولا رزق، ولا مكان له في دولة الخلافة ولا في المجتمع " الإسلامي " ويتولى الخليفة وأركان دولته قتله بتهمة شق عصا الطاعة ومفارقة الجماعة، ويوم القيامة يدخل النار جزاء وفاقا لمعصيته لخليفة البطون. وأمام هذه الآلية المحكمة من إرهاب الدولة اقتصر دور الرعية على الطاعة والقبول بأفعال الخليفة مهما كانت، نحن أمام نظام يرفع شعار الدين، ويقوم بعمل المجرمين، نحن أمام نظام الفراعنة، ولكنه يلبس لباس الدين، نظام يديره أولئك الذين حاربوا رسول الله ودينه بكل وسائل الحرب، حتى أحيط بهم، فاستسلموا وتظاهروا بالإسلام، وبعد موت النبي استولوا على منصب الخلافة بالقوة والغصب، وحكموا الأمة باسم الإسلام الذي لا يعرفونه، وهم كانوا بالأمس من أشد أعدائه، فكمموا الأفواه، وصادروا الحريات، وغصبوا الحقوق والأموال، وقتلوا النفوس المحرمة، وأذلوا عباد الله، وزيفوا الدين، وحرفوه، وسخروه مطية لمطامعهم وأهوائهم، وعاثوا في الأرض فسادا على سنة من آل فرعون، فذلت الأمة واستذلت أكثريتها، واختارت الحياة مع الذل والعافية على الموت، وكانت الأمم الكافرة تتفرج عليها وهي تتآكل من الداخل، وتتعجب كيف تمكن الخلفاء من قلب كل شئ هذا الانقلاب المريع؟!.
لقد أدرك الإمام الحسين بوصفه الإمام الشرعي، وبوصفه الوارث الوحيد للنبي أن الأمة تعيش أخطر مراحل حياتها، وأنه لا بد للإسلام من منقذ ولا غنى للأمة عمن يوقظها من سباتها العميق، وإن تركت الأمة على ما هي عليه، فقد تعتقد الأمم الأخرى أن الإسلام في حقيقته ما هو إلا الإسلام الذي تمارسه دولة الخلافة، والنظم التي تتبناها دولة الخلافة وإن كانت إسلامية في ظاهرها، لكن لا

(1) راجع المراجع السابقة.
(٢٠٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 197 198 199 200 201 202 203 204 205 206 207 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كلمة المركز 5
2 المقدمة 7
3 الباب الأول: الفئتان المتواجهتان في كربلاء 11
4 الفصل الأول: قائدا الفئتين 13
5 الفصل الثاني: أركان قيادة الفئتين 27
6 الفصل الثالث: عدد الفئتين 37
7 الفصل الرابع: المواقف والأهداف النهائية لقيادتي الفئتين 45
8 الباب الثاني: دور الأمة الإسلامية في مذبحة كربلاء 53
9 الفصل الأول: حالة الأمة وقت خروج الحسين عليه السلام وموقفها منه 55
10 الفصل الثاني: الموقف النهائي لأكثرية الأمة الإسلامية من مذبحة كربلاء 67
11 الفصل الثالث: الأقلية التي وقفت مع الامام الحسين عليه السلام أو تعاطفت معه 99
12 الفصل الرابع: أخباره السماء عن مذبحة كربلا 121
13 الباب الثالث: بواعث رحلة الشهادة ومحاطتها الأولى 141
14 الفصل الأول: التناقض الصارخ بين الواقع والشرعية 143
15 الفصل الثاني: اقتراحات المشفقين 167
16 الفصل الثالث: الإمام الحسين عليه السلام يشخص أمراض الأمة المزمنة 187
17 الفصل الرابع: رحلة الإمام الحسين عليه السلام للشهادة في سبيل الله 211
18 الفصل الخامس: محطات رحلة الشهادة من مكة إلى كربلاء 237
19 الباب الرابع: استعدادات الخليفة وأركان دولته لمواجهة الإمام 263
20 الفصل الأول: المواجهة 265
21 الفصل الثاني: خطط الخليفة وعبيد الله بن زياد لقتل الإمام الحسين وإبادة أهل بيت النبوة عليهم السلام 273
22 الفصل الثالث: الإمام يقيم الحجة على جيش الخلافة 281
23 الفصل الرابع: الإمام يأذن لأصحابه بالانصراف وتركه وحيدا 295
24 الفصل الخامس: الاستعدادات النهائية واتخاذ المواقع القتالية 301
25 الفصل السادس: مصرع الحسين وأهل بيته عليهم السلام 327