كربلاء ، الثورة والمأساة - أحمد حسين يعقوب - الصفحة ٢١٣
وبأحكام الدين، وطويته الفاسدة التي تضمر الحقد والبغض للبقية من آل الرسول (1).
والإمام يريد من الأمة أن تستفيق من غفلتها ومن نومها العميق ومن تطرفها وحبها للحياة مع الذل، فالعيش كالمرعى الوبيل، هو خسة، فالحق لا يعمل به، والباطل لا يتناهى عنه، والموت للخلاص من هذه الحياة ما هو إلا شهادة، والحياة مع الظالمين ليست إلا برما (2).
ويريد الإمام الحسين من الأمة أن ترجع لدينها وتعرف من هم الذين اختارهم الله ولاة لأمرها، فتلتف حولهم، وتتخلى عن طاعة بني أمية، فإنها إن فعلت ذلك فإن يزيد سيسقط تلقائيا، لقد تمكن الإمام خلال فترة المطاردة، وبوسائل محدودة، ومن خلال تصريحاته، وخطبه ومقابلاته التي كانت تفيض بالصدق واليقين، وأنبل المشاعر نحو الدين والأمة، من أن يوصل ما أراد إيصاله للأمة، ومن إقامة الحجة عليها وعلى الأمويين معا، وتمكن خلال الفترة المتبقية له من الحياة من أن يضرب المثل الأعلى، بالشجاعة والتضحية والإقدام، والإقبال على الموت بنفس مطمئنة، راضية في سبيل نصرة الحق، ولا يخفى ما لذلك من أثر في بعث الحياة بأمة أذلها الأمويون فذلت، وما لذلك من أثر في تحجيم بني أمية وجنوده كعصاة وكأعداء لله ولرسوله، وكقتلة مجرمين لا هم لهم إلا مصالحهم الأنانية الضيقة، والأهم أنه مزق وبمنتهى القوة كافة البراقع والمظاهر الزائفة التي كانوا يتسترون بها، وعراهم وكشفهم للأمة وللعالم كله حقيقتهم البشعة.
الحوار بين لغة الدين والمنطق ولغة المخالب والأنياب:
لقد ترك الإمام الحسين جوار جده العظيم وهو كاره، وخرج وهو كاره وتمنى لو أتيحت له الفرصة ليبقى في المدينة، ويتنقل في بلاد الإسلام، ويدخل

(١) راجع الفتوح ج ٥ ص ١١، ومقتل الحسين للخوارزمي ج ١ ص ١٨٢.
(٢) تاريخ الطبري ج ٣ ص ٣٠٧ وتاريخ ابن عساكر ترجمة الإمام الحسين ص ٢١٤ ومقتل الخوارزمي ج 1 ص 237 على سبيل المثال.
(٢١٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 207 208 209 211 212 213 214 215 216 217 218 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كلمة المركز 5
2 المقدمة 7
3 الباب الأول: الفئتان المتواجهتان في كربلاء 11
4 الفصل الأول: قائدا الفئتين 13
5 الفصل الثاني: أركان قيادة الفئتين 27
6 الفصل الثالث: عدد الفئتين 37
7 الفصل الرابع: المواقف والأهداف النهائية لقيادتي الفئتين 45
8 الباب الثاني: دور الأمة الإسلامية في مذبحة كربلاء 53
9 الفصل الأول: حالة الأمة وقت خروج الحسين عليه السلام وموقفها منه 55
10 الفصل الثاني: الموقف النهائي لأكثرية الأمة الإسلامية من مذبحة كربلاء 67
11 الفصل الثالث: الأقلية التي وقفت مع الامام الحسين عليه السلام أو تعاطفت معه 99
12 الفصل الرابع: أخباره السماء عن مذبحة كربلا 121
13 الباب الثالث: بواعث رحلة الشهادة ومحاطتها الأولى 141
14 الفصل الأول: التناقض الصارخ بين الواقع والشرعية 143
15 الفصل الثاني: اقتراحات المشفقين 167
16 الفصل الثالث: الإمام الحسين عليه السلام يشخص أمراض الأمة المزمنة 187
17 الفصل الرابع: رحلة الإمام الحسين عليه السلام للشهادة في سبيل الله 211
18 الفصل الخامس: محطات رحلة الشهادة من مكة إلى كربلاء 237
19 الباب الرابع: استعدادات الخليفة وأركان دولته لمواجهة الإمام 263
20 الفصل الأول: المواجهة 265
21 الفصل الثاني: خطط الخليفة وعبيد الله بن زياد لقتل الإمام الحسين وإبادة أهل بيت النبوة عليهم السلام 273
22 الفصل الثالث: الإمام يقيم الحجة على جيش الخلافة 281
23 الفصل الرابع: الإمام يأذن لأصحابه بالانصراف وتركه وحيدا 295
24 الفصل الخامس: الاستعدادات النهائية واتخاذ المواقع القتالية 301
25 الفصل السادس: مصرع الحسين وأهل بيته عليهم السلام 327