كربلاء ، الثورة والمأساة - أحمد حسين يعقوب - الصفحة ١٩٥
3 - الإدمان على حب الحياة مع الذل وكراهية الموت:
لم يغتصب الخليفة منصب الخلافة بالقوة والقهر فحسب، إنما اغتصب أيضا كافة موارد الدولة وأموالها واعتبرها بمثابة خزانة مالية خاصة به، واغتصب أيضا إمكانات الدولة وامتيازاتها وطاقاتها الهائلة، وسخر كل ذلك لتثبيت ملكه وتوطيد سلطانه. فالخليفة المتغلب يستعمل عمالا لأقاليم دولته وكورها، وقادة وجنودا لجيشه المخصص عمليا لحفظ الأمن الداخلي لدولته وتحقيق المجد الشخصي له من فتوحاته، ويستعمل موظفين لإدارته، وبالوقت نفسه يقدم عطاء ورزقا شهريا لأفراد رعيته، ورواتب لمستخدميه. وهي صلاحيات كانت تقوم بها دولة الرسول الأعظم، تحت رقابة النبي المعصوم عن الوقوع في الزلل أو الانحراف وراء هوى، فكان المواطن المسلم أو المتظاهر بالإسلام يأخذ عطاءه ورزقه من دون منة ولا شروط، وكان الرسول يضع الرجل المناسب بالمكان المناسب عندما يستعمله ومن دون خلفيات أو أفكار مسبقة، فمعايير النبي بالتعيين في الوظائف العامة مبنية على القوة والأمانة، فحيث ما وجد صاحب القوة والأمانة استعمله، بمعنى أن النبي كان يعطي الناس بالسوية من مال الله (مال الدولة) لتشابه الحاجات الأساسية عند بني البشر، وكان يستعمل القوي الأمين القادر على تحقيق الغاية الشرعية من استعماله، وفي التوزيع والاستعمال كان النبي يستند على معايير موضوعية وشرعية، وكان الناس سعداء زمن دولة الرسول. فالإمام الرسول (رئيس الدولة) يعيش هو وأفراد أسرته بتواضع، وكأي فرد في المجتمع، وعلى الرغم من قلة موارد بلاد العرب التي كانت تحكم دولة الرسول إلا أن هذه الموارد موزعة بصورة عادلة، فالشعور بالرضا والسعادة كان يغمر غالبية رعايا دولة النبي، فكثير من الأجلاف من العرب، بل ومن قدماء الصحابة كان يحرج النبي، وينتقد بعض أعمال النبي علنا ويجهر بعدم موافقته عليها، أو يتخذ موقفا مناقضا لموقف النبي، ولكن لم يصدق على الإطلاق أن قطع النبي عن هذا المواطن أو ذاك رزقه أو عطاءه الشهري، لأن هذا الرزق أو العطاء منحة إلهية، وحق ثابت للمسلم، وليس من صلاحية النبي أن يصادر هذا
(١٩٥)
مفاتيح البحث: الرزق (1)، الموت (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 190 191 192 193 194 195 196 197 198 199 200 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كلمة المركز 5
2 المقدمة 7
3 الباب الأول: الفئتان المتواجهتان في كربلاء 11
4 الفصل الأول: قائدا الفئتين 13
5 الفصل الثاني: أركان قيادة الفئتين 27
6 الفصل الثالث: عدد الفئتين 37
7 الفصل الرابع: المواقف والأهداف النهائية لقيادتي الفئتين 45
8 الباب الثاني: دور الأمة الإسلامية في مذبحة كربلاء 53
9 الفصل الأول: حالة الأمة وقت خروج الحسين عليه السلام وموقفها منه 55
10 الفصل الثاني: الموقف النهائي لأكثرية الأمة الإسلامية من مذبحة كربلاء 67
11 الفصل الثالث: الأقلية التي وقفت مع الامام الحسين عليه السلام أو تعاطفت معه 99
12 الفصل الرابع: أخباره السماء عن مذبحة كربلا 121
13 الباب الثالث: بواعث رحلة الشهادة ومحاطتها الأولى 141
14 الفصل الأول: التناقض الصارخ بين الواقع والشرعية 143
15 الفصل الثاني: اقتراحات المشفقين 167
16 الفصل الثالث: الإمام الحسين عليه السلام يشخص أمراض الأمة المزمنة 187
17 الفصل الرابع: رحلة الإمام الحسين عليه السلام للشهادة في سبيل الله 211
18 الفصل الخامس: محطات رحلة الشهادة من مكة إلى كربلاء 237
19 الباب الرابع: استعدادات الخليفة وأركان دولته لمواجهة الإمام 263
20 الفصل الأول: المواجهة 265
21 الفصل الثاني: خطط الخليفة وعبيد الله بن زياد لقتل الإمام الحسين وإبادة أهل بيت النبوة عليهم السلام 273
22 الفصل الثالث: الإمام يقيم الحجة على جيش الخلافة 281
23 الفصل الرابع: الإمام يأذن لأصحابه بالانصراف وتركه وحيدا 295
24 الفصل الخامس: الاستعدادات النهائية واتخاذ المواقع القتالية 301
25 الفصل السادس: مصرع الحسين وأهل بيته عليهم السلام 327