كربلاء ، الثورة والمأساة - أحمد حسين يعقوب - الصفحة ١٩٢
معاوية مع حجر بن عدي ورفاقه، فقد قتلهم معاوية صبرا بتهمة عدم موالاتهم له، وموالاته لعدو أمير المؤمنين معاوية وعدو الإسلام أبي تراب علي بن أبي طالب (1)!!! وقد أوجد الخليفة له بطانة من علماء السوء مهمتهم أن يبرروا أفعال الخليفة وتصرفاته، وأن يختلقوا على رسول الله الأحاديث التي تبرر طاعة الخليفة، وتنفر الرعية من معصية الخليفة أو عدم القبول بأفعاله المرذولة، وتعدد مزاعمهم بهذا المجال، فقالوا: إن رسول الله قد قال: " سيكون بعدي أئمة خلفاء لا يهتدون بهداي ولا يستنون بسنتي وسيقوم فيهم رجال قلوبهم قلوب شياطين في جثمان إنس " وعندما سأل الراوي، كيف أصنع يا رسول الله إن أدركت ذلك؟ فقال له الرسول: " تسمع وتطيع للأمير وإن ضرب ظهرك، وأخذ مالك فاسمع وأطع " (2). وسخرت دولة الخلافة كل مواردها الضخمة وإعلامها العجيب لتعميم مثل هذه الأحاديث على الرعية، وإقناع الرعية بصحة صدورها عن رسول الله، وأدخلتها دولة الخلافة في مناهجها التربوية والتعليمية، وأشربتها لكل أفراد الرعية فصارت بحكم العادة والتكرار وتبني دولة الخلافة، تيارا غلابا، وقناعة مطلقة ترثها جموع الأكثرية كما ترث المتاع، وترسلها إرسال المسلمات التي لا تحتاج لإعادة نظر.
قال النووي في شرحه على صحيح مسلم باب " لزوم طاعة الأمراء في غير معصية " قال جماهير أهل السنة من الفقهاء والمحدثين والمتكلمين: " لا ينعزل الخليفة بالفسق، والظلم، وتعطيل الحدود، وتضييع الحقوق، ولا يخلع ولا يجوز الخروج عليه.... ثم قال: أما الخروج عليهم فحرام بإجماع المسلمين، وإن كانوا فسقة ظالمين " (3).

(١) راجع تاريخ الطبري ج ٦ ص ١٥٧ والكامل لابن الأثير ج ٤ ص ٢٠٩ وتاريخ ابن كثير ج ٨ ص ١٣٠ ومحاضرات الراغب ج ٢ ص ٢١٤.
(٢) راجع صحيح مسلم ج ٦ ص ٢٠ - 22 باب " الأمر بلزوم الجماعة "، وأنت تلاحظ أن هذا الحديث مفصل، ليتسع لجرائم رجال قلوبهم قلوب الشياطين... كمسلم بن عقبة، وبسر بن أرطأة، وابن زياد، والحجاج وأمثالهم من جنود الفرعون.
(3) راجع صحيح مسلم بشرح النووي ج 12 ص 229 وسنن البيهقي ج 8 ص 158 - 159.
(١٩٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 187 188 189 190 191 192 193 194 195 196 197 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كلمة المركز 5
2 المقدمة 7
3 الباب الأول: الفئتان المتواجهتان في كربلاء 11
4 الفصل الأول: قائدا الفئتين 13
5 الفصل الثاني: أركان قيادة الفئتين 27
6 الفصل الثالث: عدد الفئتين 37
7 الفصل الرابع: المواقف والأهداف النهائية لقيادتي الفئتين 45
8 الباب الثاني: دور الأمة الإسلامية في مذبحة كربلاء 53
9 الفصل الأول: حالة الأمة وقت خروج الحسين عليه السلام وموقفها منه 55
10 الفصل الثاني: الموقف النهائي لأكثرية الأمة الإسلامية من مذبحة كربلاء 67
11 الفصل الثالث: الأقلية التي وقفت مع الامام الحسين عليه السلام أو تعاطفت معه 99
12 الفصل الرابع: أخباره السماء عن مذبحة كربلا 121
13 الباب الثالث: بواعث رحلة الشهادة ومحاطتها الأولى 141
14 الفصل الأول: التناقض الصارخ بين الواقع والشرعية 143
15 الفصل الثاني: اقتراحات المشفقين 167
16 الفصل الثالث: الإمام الحسين عليه السلام يشخص أمراض الأمة المزمنة 187
17 الفصل الرابع: رحلة الإمام الحسين عليه السلام للشهادة في سبيل الله 211
18 الفصل الخامس: محطات رحلة الشهادة من مكة إلى كربلاء 237
19 الباب الرابع: استعدادات الخليفة وأركان دولته لمواجهة الإمام 263
20 الفصل الأول: المواجهة 265
21 الفصل الثاني: خطط الخليفة وعبيد الله بن زياد لقتل الإمام الحسين وإبادة أهل بيت النبوة عليهم السلام 273
22 الفصل الثالث: الإمام يقيم الحجة على جيش الخلافة 281
23 الفصل الرابع: الإمام يأذن لأصحابه بالانصراف وتركه وحيدا 295
24 الفصل الخامس: الاستعدادات النهائية واتخاذ المواقع القتالية 301
25 الفصل السادس: مصرع الحسين وأهل بيته عليهم السلام 327