معاوية مع حجر بن عدي ورفاقه، فقد قتلهم معاوية صبرا بتهمة عدم موالاتهم له، وموالاته لعدو أمير المؤمنين معاوية وعدو الإسلام أبي تراب علي بن أبي طالب (1)!!! وقد أوجد الخليفة له بطانة من علماء السوء مهمتهم أن يبرروا أفعال الخليفة وتصرفاته، وأن يختلقوا على رسول الله الأحاديث التي تبرر طاعة الخليفة، وتنفر الرعية من معصية الخليفة أو عدم القبول بأفعاله المرذولة، وتعدد مزاعمهم بهذا المجال، فقالوا: إن رسول الله قد قال: " سيكون بعدي أئمة خلفاء لا يهتدون بهداي ولا يستنون بسنتي وسيقوم فيهم رجال قلوبهم قلوب شياطين في جثمان إنس " وعندما سأل الراوي، كيف أصنع يا رسول الله إن أدركت ذلك؟ فقال له الرسول: " تسمع وتطيع للأمير وإن ضرب ظهرك، وأخذ مالك فاسمع وأطع " (2). وسخرت دولة الخلافة كل مواردها الضخمة وإعلامها العجيب لتعميم مثل هذه الأحاديث على الرعية، وإقناع الرعية بصحة صدورها عن رسول الله، وأدخلتها دولة الخلافة في مناهجها التربوية والتعليمية، وأشربتها لكل أفراد الرعية فصارت بحكم العادة والتكرار وتبني دولة الخلافة، تيارا غلابا، وقناعة مطلقة ترثها جموع الأكثرية كما ترث المتاع، وترسلها إرسال المسلمات التي لا تحتاج لإعادة نظر.
قال النووي في شرحه على صحيح مسلم باب " لزوم طاعة الأمراء في غير معصية " قال جماهير أهل السنة من الفقهاء والمحدثين والمتكلمين: " لا ينعزل الخليفة بالفسق، والظلم، وتعطيل الحدود، وتضييع الحقوق، ولا يخلع ولا يجوز الخروج عليه.... ثم قال: أما الخروج عليهم فحرام بإجماع المسلمين، وإن كانوا فسقة ظالمين " (3).