كربلاء ، الثورة والمأساة - أحمد حسين يعقوب - الصفحة ١٩٣
قال القاضي أبو بكر محمد بن الطيب الباقلاني ما ملخصه: " قال الجمهور من أهل الإثبات وأصحاب الحديث: لا ينخلع الإمام (الخليفة) بفسقه، وظلمه بغصب الأموال، وضرب الأبشار، وتناول النفوس المحرمة، وتضييع الحقوق، وتعطيل الحدود، ولا يجوز الخروج عليه " (1) هذا نموذج من القناعات الخاطئة التي رسخها إعلام دولة الخلافة، وأرساها المنهج التربوي والتعليمي الذي فرضته دولة الخلافة بالنفوذ والقوة على رعاياها.... لقد نجحت وسائل إعلام دولة الخلافة بإقناع الأكثرية الساحقة من المسلمين على أن محبة الخليفة وطاعته عبادة بل من أفضل العبادات والقربات التي يتقرب بها المسلم إلى الله، وأنه في سبيل هذه الطاعة يحل كل جرم مهما كانت بشاعته. كان شمر بن ذي الجوشن يقعد حتى يصبح ثم يصلي الصبح، ويقول في دعائه: اللهم اغفر لي!! فقيل له: كيف يغفر لك وقد خرجت إلى ابن بنت الرسول فأعنت على قتله؟، فقال: ويحك فكيف نصنع أن أمراءنا هؤلاء أمرونا فلن نخالفهم، ولو خالفناهم كنا شرا من هذه الحمر؟!!!
وكان كعب بن جابر ممن حضر قتال الإمام الحسين في كربلاء يقول في مناجاته: " يا رب إنا قد وفينا فلا تجعلنا يا رب كمن غدر " (2).
فشمر الذي أعان على قتل الإمام الحسين، وكعب بن جابر الذي قاتل الإمام الحسين يعتقدان أن طاعة الخليفة واجب مفروض حتى لو أمر بقتل ابن النبي وأهل بيته!! ودنا عمر بن الحجاج يوم عاشوراء من أصحاب الحسين ونادى: " يا أهل الكوفة الزموا طاعتكم وجماعتكم، ولا ترتابوا في قتل من مرق من الدين وخالف الإمام " (3)، فمن خالف الخليفة فهو مجرم كائنا من كان، وقتله واجب على الرعية قبل أن يكون واجبا على الخليفة،!!!
لقد حاولت وسائل إعلام الدولة أن تجعل من الخليفة خليفة لله، وليس

(1) راجع كتاب التمهيد لأبي بكر الباقلاني باب " ما يوجب خلع الإمام " طبعة القاهرة 1366 ه‍.
(2) راجع تاريخ الإسلام للذهبي ج 3 ص 18 - 19 وكتابنا الخطط السياسية ص 119.
(3) المرجع السابق.
(١٩٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 188 189 190 191 192 193 194 195 196 197 198 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كلمة المركز 5
2 المقدمة 7
3 الباب الأول: الفئتان المتواجهتان في كربلاء 11
4 الفصل الأول: قائدا الفئتين 13
5 الفصل الثاني: أركان قيادة الفئتين 27
6 الفصل الثالث: عدد الفئتين 37
7 الفصل الرابع: المواقف والأهداف النهائية لقيادتي الفئتين 45
8 الباب الثاني: دور الأمة الإسلامية في مذبحة كربلاء 53
9 الفصل الأول: حالة الأمة وقت خروج الحسين عليه السلام وموقفها منه 55
10 الفصل الثاني: الموقف النهائي لأكثرية الأمة الإسلامية من مذبحة كربلاء 67
11 الفصل الثالث: الأقلية التي وقفت مع الامام الحسين عليه السلام أو تعاطفت معه 99
12 الفصل الرابع: أخباره السماء عن مذبحة كربلا 121
13 الباب الثالث: بواعث رحلة الشهادة ومحاطتها الأولى 141
14 الفصل الأول: التناقض الصارخ بين الواقع والشرعية 143
15 الفصل الثاني: اقتراحات المشفقين 167
16 الفصل الثالث: الإمام الحسين عليه السلام يشخص أمراض الأمة المزمنة 187
17 الفصل الرابع: رحلة الإمام الحسين عليه السلام للشهادة في سبيل الله 211
18 الفصل الخامس: محطات رحلة الشهادة من مكة إلى كربلاء 237
19 الباب الرابع: استعدادات الخليفة وأركان دولته لمواجهة الإمام 263
20 الفصل الأول: المواجهة 265
21 الفصل الثاني: خطط الخليفة وعبيد الله بن زياد لقتل الإمام الحسين وإبادة أهل بيت النبوة عليهم السلام 273
22 الفصل الثالث: الإمام يقيم الحجة على جيش الخلافة 281
23 الفصل الرابع: الإمام يأذن لأصحابه بالانصراف وتركه وحيدا 295
24 الفصل الخامس: الاستعدادات النهائية واتخاذ المواقع القتالية 301
25 الفصل السادس: مصرع الحسين وأهل بيته عليهم السلام 327