ومع سبق الترصد والإصرار خرجت الأكثرية الساحقة من الأمة الإسلامية من الشرعية الإلهية بمفهومها الآنف حتى والرسول على قيد الحياة، فعندما أراد الرسول أثناء مرضه أن يكتب توجيهاته النهائية ليجنب الأمة العاصفة التي تنتظر موته، قالت زعامة بطون قريش للنبي وجها لوجه، وفي منزله أنت تهجر، ما باله إنه هجر، استفهموه إنه يهجر، ولسنا بحاجة لكتابك ولا لتوجيهاتك النهائية، لأن القرآن عندنا وهو يكفينا!!! (1) هذا الكلام الخطير أخرج زعامة بطون قريش ال 23 من إطار الشرعية والمشروعية الإلهية تماما وأدخلها في التيه، وبعد ساعة واحدة من وفاة النبي تمكنت زعامة بطون قريش التي واجهت النبي وقالت له ما قالت من الاستيلاء على منصب الخلافة بالقهر والغلبة وكثرة الأتباع، وكانت أول مشاريع تلك الزعامة منصبة على تحجيم أهل بيت النبوة وإذلالهم وإجبارهم على الاعتراف سياسيا بالأمر الواقع المناقض تماما للشرعية الإلهية، ففي اليوم الذي مات فيه النبي جهزت زعامة البطون التي استولت على منصب الخلافة بالقوة حملة عسكرية مهمتها إجبار أهل بيت النبوة على الخروج والمبايعة والاعتراف بالأمر الواقع وإن أبوا ذلك فعلى قادة الحملة وعناصرها أن يحرقوا بيت أهل بيت محمد على من فيه، وفيه فاطمة بنت النبي، وعلي الولي الشرعي وابن عم النبي وطفلاه الحسن والحسين حفيدا النبي!!! وشرعت الحملة العسكرية بالفعل بإحراق البيت على من فيه (2)، إذ خلال أسبوع واحد من وفاة الرسول حرموا أهل بيت النبوة من ميراث الرسول وتركته (3)، وصادروا المنح التي أعطاها الرسول
(١٨٩)