جاء في كتبكم، وقدمت به رسلكم انصرفت عنكم " (1).
ثم انظر إلى مناجاته لأصحابه ذات مرة حيث خطب فيها فقال: "... وإن الدنيا قد تغيرت، وتنكرت وأدبر معروفها، ولم يبق منها إلا صبابة كصبابة الإناء وخسيس عيش كالمرعى الوبيل، ألا ترون إلى الحق لا يعمل به، وإلى الباطل لا يتناهى عنه، ليرغب المؤمن في لقاء ربه حقا حقا، فإني لا أرى الموت إلا سعادة، والحياة مع الظالمين إلا برما " (2).
وانظر إلى قوله: "... ما أهون الموت على سبيل نيل البر وإحياء الحق، ليس الموت في سبيل العز إلا حياة خالدة وليست الحياة مع الذل إلا الموت الذي لا حياة معه... إن نفسي لأكبر، وهمتي لأعلى من أحمل الضيم خوفا من الموت... مرحبا بالقتل في سبيل الله... وهل تقدرون على أكثر من قتلي!!... ولكنكم لا تقدرون على هدم مجدي ومحو عزي وشرفي " (3).
ثم انظر إلى وصية الإمام الحسين التي كتبها إلى أخيه محمد بن الحنفية، فابن الحنفية هو الوحيد من إخوان الإمام الحسين الذي لم يخرج معه، وبالضرورة ستأتي رسل الفرعون وتسأل محمد بن الحنفية عن أخبار الحسين، وأقواله، وبالضرورة سيأتي أهل المدينة ويسألونه أيضا، وبالضرورة سيسأله كل المشفقين على مصير الحسين، لذلك اختاره الإمام الحسين وكتب له وصية، بين فيها أسباب خروجه، فقال بعد أن ركز على فكرة الحق تركيزا خاصا: "... وإني لم أخرج أشرا ولا بطرا، ولا مفسدا ولا ظالما، وإنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي، أريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر، وأسير بسيرة جدي وأبي علي بن أبي طالب، فمن قبلني بقبول الحق، فالله أولى بالحق ومن رد علي هذا