كربلاء ، الثورة والمأساة - أحمد حسين يعقوب - الصفحة ١٥٨
فإن هذا الامتناع بمثابة إعلان حرب وهو من جرائم الخيانة العظمى التي يعاقب مرتكبها بالموت، كائنا من كان، ومن الطبيعي أن الخليفة وأركان دولته قد سمعوا بامتناع الإمام الحسين عن البيعة، وأنهم بوقت يطول أو يقصر سيرسلون قواتهم المسلحة لتجر الإمام الحسين وأهل بيته بالقوة، وتجبرهم على البيعة وهم صاغرون، أو تقتلهم أشنع قتلة، ولن تأخذ الخليفة ولا أركان دولته بهم رحمة أبدا، ولن يرعوا فيهم إلا ولا ذمة، فالحسين موقن أنه أمام فرعون وجنوده، ولكن فرعون المسلمين مسلح بالدين، فهو يلبس قفازات بيض، ويتظاهر بالإسلام والطهارة والبراءة، ويده ملطخة بدماء الجريمة، والحسين بشر مزود فسيولوجيا بالطاقة على الهروب مما يؤذيه وعلى البحث عما يأويه ويحميه، فالحسين يريد فئة من الناس تحميه وتحمي أهل النبوة، وتنصرهم وتمنعهم من فرعون وجنوده، إذا ما جاءوا يوما وهم قادمون لا محالة - لجر الحسين وأهل بيت النبوة إلى البيعة وهم صاغرون أو قتلهم، هذا بالضبط ما يريده الإمام الحسين.
إصلاح الأمة:
خلال فترة امتناع الحسين عن البيعة، وخلال فترة المطاردة سيسمع كل المسلمين بواقعة امتناع الحسين عن المبايعة وبواقعة مطاردة الفرعون وجنوده وسيسمعون بالأسباب التي دعت الإمام الحسين للامتناع عن البيعة، فالحسين ليس رجلا من عامة الناس، فالمسلمون يعرفونه على أنه عميد آل محمد الذين يصلون عليهم في صلاتهم، وعميد أهل بيت النبوة الذين طهرهم الله، وعميد ذوي القربى الذين افترض الله مودتهم على العباد، لذلك فمن المعروف بالضرورة أن المسلمين سيتابعون مآل امتناع الإمام عن البيعة وعاقبة هذا الامتناع، ويتابعون أيضا أنباء المطاردة، ويتابعون بالضرورة تصريحات الإمام الحسين خلال فترة المطاردة، وهذا بالضبط ما أراده الإمام الحسين وسيعرف المسلمون في النتيجة أن خليفتهم ليس هو خليفة رسول الله كما يدعي، إنما هو رجل غاصب للسلطة، استولى عليها بالقوة وفرض نفسه على المسلمين بالقهر، وحكمهم بالطريقة التي يحكم بها أئمة الكفر رعاياهم، خاصة وأن المسلمين جميعا يعرفون
(١٥٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 153 154 155 156 157 158 159 160 161 162 163 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كلمة المركز 5
2 المقدمة 7
3 الباب الأول: الفئتان المتواجهتان في كربلاء 11
4 الفصل الأول: قائدا الفئتين 13
5 الفصل الثاني: أركان قيادة الفئتين 27
6 الفصل الثالث: عدد الفئتين 37
7 الفصل الرابع: المواقف والأهداف النهائية لقيادتي الفئتين 45
8 الباب الثاني: دور الأمة الإسلامية في مذبحة كربلاء 53
9 الفصل الأول: حالة الأمة وقت خروج الحسين عليه السلام وموقفها منه 55
10 الفصل الثاني: الموقف النهائي لأكثرية الأمة الإسلامية من مذبحة كربلاء 67
11 الفصل الثالث: الأقلية التي وقفت مع الامام الحسين عليه السلام أو تعاطفت معه 99
12 الفصل الرابع: أخباره السماء عن مذبحة كربلا 121
13 الباب الثالث: بواعث رحلة الشهادة ومحاطتها الأولى 141
14 الفصل الأول: التناقض الصارخ بين الواقع والشرعية 143
15 الفصل الثاني: اقتراحات المشفقين 167
16 الفصل الثالث: الإمام الحسين عليه السلام يشخص أمراض الأمة المزمنة 187
17 الفصل الرابع: رحلة الإمام الحسين عليه السلام للشهادة في سبيل الله 211
18 الفصل الخامس: محطات رحلة الشهادة من مكة إلى كربلاء 237
19 الباب الرابع: استعدادات الخليفة وأركان دولته لمواجهة الإمام 263
20 الفصل الأول: المواجهة 265
21 الفصل الثاني: خطط الخليفة وعبيد الله بن زياد لقتل الإمام الحسين وإبادة أهل بيت النبوة عليهم السلام 273
22 الفصل الثالث: الإمام يقيم الحجة على جيش الخلافة 281
23 الفصل الرابع: الإمام يأذن لأصحابه بالانصراف وتركه وحيدا 295
24 الفصل الخامس: الاستعدادات النهائية واتخاذ المواقع القتالية 301
25 الفصل السادس: مصرع الحسين وأهل بيته عليهم السلام 327