عسى ربي أن يهديني سواء السبيل) * [القصص / 22] (1).
فالحسين على يقين أن فرعون حقيقي يلاحقه وأنه يتنقل ضمن مملكة فرعون بني أمية، وأنه وأهل بيته يمثلون الشرعية الإلهية والحق الذي كان يمثله موسى!!!.
لا يعني امتناع سكان المدينة عن حماية الإمام الحسين، وحماية أهله وموقفه أن أولئك السكان خاصة الأنصار يكرهون الإمام الحسين، فليس بالحسين ما يكره بل على العكس هم يحبون الإمام الحسين، وعندما سمعوا في ما بعد بقتله بكت القلة المؤمنة على الحسين دموعا من دم، ويكمن السر بامتناع الأنصار عن حماية الإمام الحسين ونصرته والدفاع عن موقفه بأنهم لا يريدون مواجهة مع الخليفة ولا مع أركان دولته، لأنه لا طاقة لهم بهذه المواجهة، ولا مصلحة لهم فيها، فليس عند الإمام الحسين ما يطمعون به، وكل ما يريدونه موجود لدى الخليفة وأركان دولته: المال، النفوذ، الجاه، الدنيا كلها بيد الخليفة، فما هي مصلحة أكثرية الأنصار ليتخلوا عن الدنيا من أجل الإمام الحسين!! ثم إن الإحساس بالانتماء الاجتماعي، والانتماء لمثله العليا قد مات بالفعل، أو تحول إلى كلمات جامدة ليس أمامها أي فرصة للتطبيق والتفعيل، استقرت نهائيا روح التواكل في مجتمع المدينة وغيره من المجتمعات الإسلامية، صحيح لقد كانت هنالك عناصر ثائرة على خلق التواكل الذي ساد المجتمعات الإسلامية، لكنها سرعان ما تغرق في محيط التواكل. قال الطبري يصف هذه الحالة: " إن المرأة كانت تأتي ابنها وأخاها، فتقول: انصرف، الناس يكفونك ويجئ الرجل إلى ابنه فيقول: غدا يأتيك أهل الشام... " (2).
فالأنصار يتمنون قلبيا أن ينتصر الإمام الحسين، وأن تنتصر مبادئه ويتمنون أن يهزم يزيد وأتباعه، ويرجون أن ييسر الله للإمام الحسين من ينصره، ويحميه،