كربلاء ، الثورة والمأساة - أحمد حسين يعقوب - الصفحة ١٥٥
عسى ربي أن يهديني سواء السبيل) * [القصص / 22] (1).
فالحسين على يقين أن فرعون حقيقي يلاحقه وأنه يتنقل ضمن مملكة فرعون بني أمية، وأنه وأهل بيته يمثلون الشرعية الإلهية والحق الذي كان يمثله موسى!!!.
لا يعني امتناع سكان المدينة عن حماية الإمام الحسين، وحماية أهله وموقفه أن أولئك السكان خاصة الأنصار يكرهون الإمام الحسين، فليس بالحسين ما يكره بل على العكس هم يحبون الإمام الحسين، وعندما سمعوا في ما بعد بقتله بكت القلة المؤمنة على الحسين دموعا من دم، ويكمن السر بامتناع الأنصار عن حماية الإمام الحسين ونصرته والدفاع عن موقفه بأنهم لا يريدون مواجهة مع الخليفة ولا مع أركان دولته، لأنه لا طاقة لهم بهذه المواجهة، ولا مصلحة لهم فيها، فليس عند الإمام الحسين ما يطمعون به، وكل ما يريدونه موجود لدى الخليفة وأركان دولته: المال، النفوذ، الجاه، الدنيا كلها بيد الخليفة، فما هي مصلحة أكثرية الأنصار ليتخلوا عن الدنيا من أجل الإمام الحسين!! ثم إن الإحساس بالانتماء الاجتماعي، والانتماء لمثله العليا قد مات بالفعل، أو تحول إلى كلمات جامدة ليس أمامها أي فرصة للتطبيق والتفعيل، استقرت نهائيا روح التواكل في مجتمع المدينة وغيره من المجتمعات الإسلامية، صحيح لقد كانت هنالك عناصر ثائرة على خلق التواكل الذي ساد المجتمعات الإسلامية، لكنها سرعان ما تغرق في محيط التواكل. قال الطبري يصف هذه الحالة: " إن المرأة كانت تأتي ابنها وأخاها، فتقول: انصرف، الناس يكفونك ويجئ الرجل إلى ابنه فيقول: غدا يأتيك أهل الشام... " (2).
فالأنصار يتمنون قلبيا أن ينتصر الإمام الحسين، وأن تنتصر مبادئه ويتمنون أن يهزم يزيد وأتباعه، ويرجون أن ييسر الله للإمام الحسين من ينصره، ويحميه،

(١) راجع هذا التمثل بالإرشاد ص ٢٠٢، وبحار الأنوار ج ٤ ص ٣٣٢ والعوالم ج ١٧ ص ١٨١ والكامل لابن الأثير ج ٢ ص ٣١، وتاريخ الطبري ج ٣ ص ٢٧٤ والفتوح لابن أعثم ج ٥ ص ٢٥، وأعيان الشيعة ج ١ ص ٨٨ ووقعة الطف ص ٨٦ والموسوعة ص ٣٠٥.
(٢) راجع تاريخ الطبري ج ٢ ص ٣٧١.
(١٥٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 150 151 152 153 154 155 156 157 158 159 160 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كلمة المركز 5
2 المقدمة 7
3 الباب الأول: الفئتان المتواجهتان في كربلاء 11
4 الفصل الأول: قائدا الفئتين 13
5 الفصل الثاني: أركان قيادة الفئتين 27
6 الفصل الثالث: عدد الفئتين 37
7 الفصل الرابع: المواقف والأهداف النهائية لقيادتي الفئتين 45
8 الباب الثاني: دور الأمة الإسلامية في مذبحة كربلاء 53
9 الفصل الأول: حالة الأمة وقت خروج الحسين عليه السلام وموقفها منه 55
10 الفصل الثاني: الموقف النهائي لأكثرية الأمة الإسلامية من مذبحة كربلاء 67
11 الفصل الثالث: الأقلية التي وقفت مع الامام الحسين عليه السلام أو تعاطفت معه 99
12 الفصل الرابع: أخباره السماء عن مذبحة كربلا 121
13 الباب الثالث: بواعث رحلة الشهادة ومحاطتها الأولى 141
14 الفصل الأول: التناقض الصارخ بين الواقع والشرعية 143
15 الفصل الثاني: اقتراحات المشفقين 167
16 الفصل الثالث: الإمام الحسين عليه السلام يشخص أمراض الأمة المزمنة 187
17 الفصل الرابع: رحلة الإمام الحسين عليه السلام للشهادة في سبيل الله 211
18 الفصل الخامس: محطات رحلة الشهادة من مكة إلى كربلاء 237
19 الباب الرابع: استعدادات الخليفة وأركان دولته لمواجهة الإمام 263
20 الفصل الأول: المواجهة 265
21 الفصل الثاني: خطط الخليفة وعبيد الله بن زياد لقتل الإمام الحسين وإبادة أهل بيت النبوة عليهم السلام 273
22 الفصل الثالث: الإمام يقيم الحجة على جيش الخلافة 281
23 الفصل الرابع: الإمام يأذن لأصحابه بالانصراف وتركه وحيدا 295
24 الفصل الخامس: الاستعدادات النهائية واتخاذ المواقع القتالية 301
25 الفصل السادس: مصرع الحسين وأهل بيته عليهم السلام 327