العمارات، والمساجد، والمعاهد والمؤسسات، أقول: لعل هذه الكلمة ضرب من ضروب البديع ورمز من رموز الفن المعروف في علم البديع (بالاكتفاء) وهي صريحة المنطوق، واضحة المفهوم، فلا حاجة لأن يضاف إليها شئ ليفهم الناس:
أن عليا يحكي المجموعة الكاملة من فضائل الدنيا ومزاياها.
يقول محمد مهدي الجواهري:
تعداد مجد المرء منقصة إذا * فاقت مزاياه عن التعداد ولقد فاقت مزايا علي حدود التعداد، وتحدت عوامل الزمن التي تجرف أمامها الماضي والحاضر فتجعله أثرا بعد عين.
لقد تحدت مزايا علي عوامل الزمن بقوة لم يعرف لها نظير في تاريخ العظماء حتى أصبحت شخصيته كالشمس التي إذا ما حجبها الضباب أو السحاب أو الغبار، أو حال القمر بينها وبين الأرض مرة فلن يستطيع أن يحجبها مرات، ولن يقوى على تغيير جوهرها، ونفوذ عملها وأثرها في الأرض وفي الطبيعة.
هذه الشخصية - شخصية الإمام علي - التي تحدت الزمن، وتحدت كل الوسائل الفعالة التي يكفي أن يغير بعض مفعولها حقيقة الأمم وواقعها، ويبدل مجرى التاريخ وحقيقته، هذه الشخصية كانت ولم تزل ملء العين، وملء القلب، والقدوة المثالية عند ذوي الإدراك والعقول النيرة، والباحثين عن الانسانية الكاملة في دنيا البشرية، هذه الشخصية التي لم تكتف بأن تصمد وتثبت كالجبل أمام تلك الزعازع والعواصف والرعود والبروق التي نسجتها الدعاية بكل ألوانها وأصنافها من وعد ووعيد وحسن جزاء، وصب نقمة، بل أصبحت مبعث الحياة ومأمل الآمل على رغم كل تلك الحروب التي شنت عليها - حتى ألفت فيها الكتب، ووضعت عنها الدراسات، ونقلت عنها الشواهد والأمثلة، فكانت