الناس إليه، وكان ربيبه، وكان خليفته على ودائعه، وكان أخاه. بحكم تلك المؤاخاة، وكان ختنه وأبا عقبه، وكان صاحب لوائه، وكان خليفته في أهله، وكانت منزلته منه بمنزلة هارون من موسى بنص الحديث عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) نفسه.
لو قال المسلمون هذا كله واختاروا عليا بحكم هذا كله، لما أبعدوا ولا انحرفوا.
وكان كل شئ يرشح عليا للخلافة... قرابته من النبي، وسابقته في الإسلام، ومكانته بين المسلمين، وحسن بلائه في سبيل الله، وسيرته التي لم تعرف العوج قط، وشدته في الدين، وفقهه بالكتاب والسنة، واستقامة رأيه ".
خلافة الإمام " لقد كان علي موفقا كل التوفيق، ناصحا للإسلام كل النصح.. صبر نفسه على ما كانت تكره. وطابت نفسه للمسلمين بما كان يراه حقا.. بايع على ثاني الخلفاء كما بايع أولهم كراهية للفتنة.. ونصحا للمسلمين.
ولم يظهر مطالبته بما كان يراه حقا له. ونصح لعمر كما نصح لأبي بكر.. وقد بايع عثمان كما بايع الشيخين. وهو يرى أنه مغلوب على حقه. ولكنه على ذلك لم يتردد في البيعة، ولم يقصر في النصح للخليفة الثالث، كما لم يقصر في النصح للشيخين من قبله.. فكان طبيعيا إذن حين قتل عثمان أن يفكر علي في نفسه، وفيم غلب عليه من حقه.
ولكنه مع ذلك لم يطلب الخلافة، ولم ينصب نفسه للبيعة إلا حين استكره على ذلك استكراها.
وقد أوجز الإمام سياسته العامة في أول خطبة خطبها حين استخلف فقال:
" إن الله أنزل كتابا هاديا يبين فيه الخير والشر. فخذوا الخير ودعوا الشر