رضي الله عنهم، ومنها (ثانيا) انه مهما اختلف المسلمون في فرقهم، فإن كلمتهم واحدة في أن شجرة النسب النبوي الشريف إنما تنحصر في أبناء فاطمة لان النبي صلى الله عليه وسلم لم يعقب الا من ولدها، واما بنو علي من غير السيدة فاطمة وبنو عقيل وجعفر والعباس فإنهم من آل هشام، جدهم وجد النبي صلى الله عليه وسلم، وليسوا من آل الرسول صلى الله عليه وسلم لان نسبهم لا ينتهي إليه صلى الله عليه وسلم.
ومنها (ثالثا) كثرت الأقاويل من أهل الزيغ والجهل في أهل البيت، رغم آيات القرآن الكريم وأحاديث النبي صلى الله عليه وسلم التي تبين فضلهم وتحض على مودتهم وموالاتهم وتنفر من بغضهم وكرههم، واستمر ذلك منذ العصر الاسلامي الأول، ثم ازدادت طغيانا بمرور الأيام، والانحراف عن الايمان فاستفحل الداء وقل الدواء حتى أصبح الحديث عن ذلك في السر والعلن مثار الخذلان من طرق كل مفتون في دينه وإيمانه، فصار الايقاع في ذرية النبي صلى الله عليه وسلم شهوة لكل مخذول، سهلا من غير حياء ولا إيمان حتى أصبحت المواجهة بين سفهاء الأحلام من العامة وبين ذريته صلى الله عليه وسلم فأول ما ينكرون عليهم انتسابهم للنبي صلى الله عليه وسلم لم يخلف ذكرا حتى تكونوا أنتم من أبنائه، وهي كلمة حق أريد بها باطل، أو يحقدون عليهم ان أنعم الله عليهم، فشرفهم بالانتساب إلى أشرف ولد آدم. وسيد الأنبياء والمرسلين، فجعلهم من ذرية نبيه الكريم وأكرمهم بالانتساب إلى رسوله العظيم فكانوا بضعة منه، صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وليذكر هؤلاء وأولئك ان بعض أهل البيت آفة في الدين، فليتب إلى الله من يجد في نفسه شيئا عليهم، وليحذر على دينه الذي هو عصمة امره، حتى فيمن تظهر عليه الخطيئة منهم، وإنه فلما يطول امره منحرفا عن الصواب لان ذلك إنما هو حظ البشرية من كل مؤمن، فإذا كانت النطفة الطاهرة محفوظة غير مشوبة عما سواها فلا بد من أن ترجع إلى أصلها الطيب الطاهر، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم والذي نفسي بيده لا ببغضنا أهل البيت أحد الا أدخله الله النار وروى عن الحسن عليه السلام انه قال لمعاوية بن خديج: يا معاوية إياك وبغضنا فإن الله صلى الله عليه وسلم قال: لا يبغضنا أحد ولا يحسدنا أحد الا زيد يوم القيامة عن الحوض بسياط من نار).