وهناك رواية تذهب إلى أن أعرابيا جاء من الشام، وابن عباس كان في المسجد الحرام يفتي الناس، فسأله عن أبناء رسول الله صلى الله عليه وسلم وبناته، فأخبره ان أبناءه كانوا خمسة: القاسم والطاهر والمطهر والطيب، وهم من خديجة، رضي الله عنها، وإبراهيم من مارية، وبناته كن أربعا: زينب ورقية وأم كلثوم وفاطمة، وكن أيضا من خديجة وكلهم مات في حياته صلوات الله عليه، الا فاطمة فإنها بقيت أربعين يوما بعده، ولما جاء اجل فاطمة لم تحم ولم تصدع، ولكن اخذت بيد الحسن والحسين فذهب بهما إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم فأجلستهما عنده ثم وقفت، فصلت بين المنبر والقبر ركعتين ثم ضمتهما إلى صدرها والتزمتهما، وقالت يا ولدي اجلسا عند أبيكما ساعته، والإمام علي، عليه السلام، يصلي في المسجد، ثم رجعت نحو المنزل فحملت ما فضل من حنوط النبي صلى الله عليه وسلم فاغتسلت به ولبست فضل كفنه ثم نادت يا أسماء فقالت لها: لبيك يا بنت رسول الله، فقالت تعاهديني، فاني ادخل هذا البيت فأضع جنبي ساعة فإذا مضت ساعة ولم اخرج فناديني ثلاثا فان أجبتك، والا فاعلمي اني لحقت برسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قامت مقام الرسول صلى الله عليه وسلم في بيتها، فصلت ركعتين، ثم جللت وجهها بطرف ردائها وقصت نجبها، وقيل بل ماتت في سجدتها. فلما مضت ساعة أقبلت اسما فنادت يا فاطمة الزهراء، يا أم الحسن والحسين، يا بنت رسول الله، يا سيدة نساء العالمين، فلم تجب فدخلت فإذا هي ميتة، فقال الأعرابي: كيف علمت وقت وفاتها يا ابن عباس، قال:
أعلمها أبوها، ثم شقت أسماء جيبها، وقالت كيف اجترئ فأخبر ابني رسول الله بوفاتك، ثم خرجت فتلقاها الحسن والحسين فقالا: أين امنا فسكتت فدخلا البيت فإذا هي ممتدة فحركها الحسين فإذا هي ميتة فقال: يا آخاه آجرك الله في امنا، وصاح أهل المدينة لما علموا بخبر وفاتها واجتمعت نساء بني هاشم في دارها فصرخن صرخة واحدة كادت المدينة تتزعزع منها وهن يقلن: يا سيدتاه، يا حبيبتاه، يا بنت رسول الله، وأقبل الناس إلى علي وهو جالس، والحسن والحسين، رضي الله عنهم أجمعين بين يديه يبكيان فبكى لبكائهما، واجتمع الناس فجلسوا وهم يسترجعون وينتظرون ان تخرج الجنازة فيصلوا عليها، فخرج أبو ذر الغفاري وقال: انصرفوا فان ابنة رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أخر اخراجها هذه